للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[بَاب حَدِّ الزِّنَا]

٢٥٤٩ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالُوا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَشِبْلٍ قَالُوا «كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ أَنْشُدُكَ اللَّهَ لَمَّا قَضَيْتَ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ فَقَالَ خَصْمُهُ وَكَانَ أَفْقَهَ مِنْهُ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَأْذَنْ لِي حَتَّى أَقُولَ قَالَ قُلْ قَالَ إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا وَإِنَّهُ زَنَى بِامْرَأَتِهِ فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَخَادِمٍ فَسَأَلْتُ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَأُخْبِرْتُ أَنَّ عَلَى ابْنِي جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ وَأَنَّ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ الْمِائَةُ الشَّاةُ وَالْخَادِمُ رَدٌّ عَلَيْكَ وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا قَالَ هِشَامٌ فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا»

ــ

قَوْلُهُ: (أَنْشُدُكَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الشِّينِ، وَنُصِبَ اللَّهُ بِنَزْعِ الْخَافِضِ، أَيْ: أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ إِلَّا قَضَيْتَ، أَيْ: مَا أَتْرُكُ السُّؤَالَ إِلَّا إِذَا قَضَيْتَ بِكِتَابِ اللَّهِ - تَعَالَى - يَفْصِلُ مَا بَيْنَهُمَا بِالْحُكْمِ الصِّرْفِ لَا بِالتَّصَالُحِ وَالتَّرْغِيبِ فِيمَا هُوَ الْأَرْفَقُ إِذْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَلَكِنْ بِرِضَى الْخَصْمَيْنِ. قَوْلُهُ: (عَسِيفًا) أَيْ: أَجِيرًا (جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ) بِالْإِضَافَةِ فِيهِمَا (رَدٌّ) أَيْ: مَرْدُودَتَانِ (عَلَيْكَ) فَخُذْهُمَا مِنْهُ وَكَأَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ الرَّجْمَ حَقٌّ لِزَوْجِ الْمَزْنِيِّ بِهَا فَأَعْطَاهُ مَا أَعْطَاهُ (وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ) أَيْ: إِذَا ثَبَتَ الزِّنَا بِوَجْهِهِ لَا بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الْأَبِ (وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ) قَالَ النَّوَوِيُّ: عَلَى إِعْلَامِ الْمَرْأَةِ بِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَذَفَهَا بِابْنِهِ لِيُعَرِّفَهَا بِأَنَّ لَهَا عِنْدَهِ حَقًّا، وَهُوَ حَدُّ الْقَذْفِ أَخَذَتْ أَوْ تَرَكَتْ، إِلَّا أَنْ تَعْتَرِفَ بِالزِّنَا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ حَدٌّ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا حَدُّ الزِّنَا وَهُوَ الرَّجْمُ لِكَوْنِهَا كَانَتْ مُحْصَنَةً وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ؛ لِأَنَّ حَدَّ الزِّنَا لَا يُحْتَاطُ لَهُ بِالتَّقْرِيرِ، بَلْ لَوْ أَقَرَّ الزَّانِي يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُلَقَّنَ الرُّجُوعَ. قَوْلُهُ: (فَإِنِ اعْتَرَفَتْ) اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْإِقْرَارَ مَرَّةً كَافٍ وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ لِظُهُورِ أَنَّ الْإِطْلَاقَ غَيْرُ مُرَادٍ إِذْ لَا يَصِحُّ الْأَمْرُ بِالرَّجْمِ كَيْفَمَا كَانَ الِاعْتِرَافُ، كَيْفَ وَإِذَا اعْتَرَفَتْ مَعَ دَعْوَى الْإِكْرَاهِ أَوِ الْجُنُونِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا حَدَّ، وَالْمُرَادُ إِنِ اعْتَرَفَتْ بِالْوَجْهِ الْمُوجِبِ لِلرَّجْمِ، فَكَانَ ذَلِكَ الْوَجْهُ مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ مَشْهُورًا بَيْنَهُمْ فَاكْتَفَى بِذَلِكَ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ حَدِيثَ مَاعِزٍ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْإِقْرَارَ الْمُعْتَبَرَ هُوَ الْإِقْرَارُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَيَجِبُ الْحَمْلُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَتِمُّ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى خِلَافِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>