[بَاب مَنْ كَرِهَ أَنْ يُوطَأَ عَقِبَاهُ]
٢٤٤ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ قَالَ «مَا رُئِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ مُتَّكِئًا قَطُّ وَلَا يَطَأُ عَقِبَيْهِ رَجُلَانِ» قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَحَدَّثَنَا حَازِمُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ الْهَمْدَانِيُّ صَاحِبُ الْقَفِيزِ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَعِيلَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ
ــ
قَوْلُهُ (مَنْ كَرِهَ أَنْ يُوطَأَ عَقِبَيْهِ) أَيْ أَنْ يَمْشِيَ أَحَدٌ وَرَاءَهُ فَيَطَأُ مَحَلَّ عَقِبَيْهِ وَكَأَنَّهُ لِاعْتِبَارِ حَذْفِ الْمُضَافِ وَتَرْكِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ عَلَى حَالِهِ جَاءَ عَقِبَيْهِ كَمَا نَبَّهْتُ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ عَقِبَاهُ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْفَاعِلِ ثُمَّ كَأَنَّهُ وَضَعَ هَذَا الْبَابَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ لِأَنَّ دَأْبَ الْمَشَايِخِ أَنْ يَتَقَدَّمُوا عَلَى التَّلَامِذَةِ فِي الْمَشْيِ فَنَبَّهَ بِهَذَا عَلَى أَنَّ تَرْكَهُ أَوْلَى.
قَوْلُهُ (يَأْكُلُ مُتَّكِئًا) الِاتِّكَاءُ هُوَ أَنْ يَتَمَكَّنَ فِي الْجُلُوسِ مُتَرَبِّعًا أَوْ يَسْتَوِيَ قَاعِدًا عَلَى وِطَاءٍ أَوْ يُسْنِدَ ظَهْرَهُ إِلَى شَيْءٍ أَوْ يَضَعَ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ وَكُلُّ ذَلِكَ خِلَافُ الْأَدَبِ الْمَطْلُوبِ حَالَ الْأَكْلِ وَبَعْضُهُ فِعْلُ الْمُتَكَبِّرِينَ وَبَعْضُهُ فِعْلُ الْمُكْثِرِينَ مِنَ الطَّعَامِ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالِاتِّكَاءِ الْمَيْلَ وَالِاعْتِمَادَ عَلَى أَحَدِ جَانِبَيْهِ كَمَا يَجْلِسُهُ الْعَامَّةُ وَمَنْ حَمَلَ عَلَيْهِ تَأْوِيلًا عَلَى مَذْهَبِ الطِّبِّ بِأَنَّهُ لَا يَنْحَدِرُ فِي مَجَارِي الطَّعَامِ سَهْلًا وَلَا يَسِيغُهُ هَنِيئًا وَرُبَّمَا يَتَأَذَّى بِهِ قَوْلُهُ (وَلَا يَطَأُ عَقِبَيْهِ رَجُلَانِ) أَيْ لَا يَمْشِي رَجُلَانِ خَلْفَهُ فَضْلًا عَنِ الزِّيَادَةِ يَعْنِي أَنَّهُ مِنْ غَايَةِ التَّوَاضُعِ لَا يَتَقَدَّمُ أَصْحَابَهُ فِي الْمَشْيِ بَلْ إِمَّا أَنْ يَمْشِيَ خَلْفَهُمْ كَمَا جَاءَ وَيَسُوقَ أَصْحَابَهُ أَوْ يَمْشِيَ فِيهِمْ وَحَاصِلُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى طَرِيقِ الْمُلُوكِ وَالْجَبَابِرَةِ فِي الْأَكْلِ وَالْمَشْيِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَارَكَ وَكَرَّمَ وَالرَّجُلَانِ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّ الْجِيمِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَيَحْتَمِلُ كَسْرَ الرَّاءِ وَسُكُونَ الْجِيمِ أَيِ الْقَدَمَانِ وَالْمَعْنَى لَا يَمْشِي خَلْفَهُ أَحَدٌ ذُو رِجْلَيْنِ بَلْ هُوَ أَقْرَبُ بِتَثْنِيَةِ عَقِبَيْهِ كَمَا هُوَ رِوَايَةُ الْمُصَنِّفِ وَقَدْ ضُبِطَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالْحَدِيثُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute