[كِتَاب الطِّبِّ] [بَاب مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَاب الطِّبِّ بَاب مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً
٣٤٣٦ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ «شَهِدْتُ الْأَعْرَابَ يَسْأَلُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعَلَيْنَا حَرَجٌ فِي كَذَا أَعَلَيْنَا حَرَجٌ فِي كَذَا فَقَالَ لَهُمْ عِبَادَ اللَّهِ وَضَعَ اللَّهُ الْحَرَجَ إِلَّا مَنْ اقْتَرَضَ مِنْ عِرْضِ أَخِيهِ شَيْئًا فَذَاكَ الَّذِي حَرِجَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ عَلَيْنَا جُنَاحٌ أَنْ لَا نَتَدَاوَى قَالَ تَدَاوَوْا عِبَادَ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ مَعَهُ شِفَاءً إِلَّا الْهَرَمَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا خَيْرُ مَا أُعْطِيَ الْعَبْدُ قَالَ خُلُقٌ حَسَنٌ»
ــ
قَوْلُهُ: (وَضَعَ اللَّهُ الْحَرَجَ) أَيِ: الْإِثْمَ، أَيْ: عَمَّا سَأَلْتُمُوهُ مِنَ الْأَشْيَاءِ وَكَأَنَّهُمْ مَا سَأَلُوا إِلَّا عَنِ الْمُبَاحَاتِ وَقَوْلُهُ: إِلَّا مَنِ اقْتَرَضَ يَحْتَمِلُ أَنَّ " أَلَا " بِالتَّخْفِيفِ حَرْفُ اسْتِفْتَاحٍ وَمَا بَعْدَهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ فَذَلِكَ إِلَخْ، وَالْفَاءُ لِتَضَمُّنِ الْمُبْتَدَإِ مَعْنَى الشَّرْطِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِالتَّشْدِيدِ بِمَعْنَى لَكِنْ، وَمَا بَعْدَهُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اسْتِثْنَاءً مِمَّا تَقَدَّمَ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى وَضَعَ اللَّهُ الْحَرَجَ عَمَّنْ فَعَلَ شَيْئًا مِمَّا ذَكَرْتُمْ إِلَّا عَمَّنِ اقْتَرَضَ. . . إِلَخْ، وَعَلَى هَذَا لَا بُدَّ مِنِ اعْتِبَارِ أَنَّهُمْ سَأَلُوهُ عَمَّا اقْتَرَضَ أَيْضًا وَيَحْتَاجُ هَذَا الْمَعْنَى إِلَى تَقْدِيرِ حَرْفِ الْجَرِّ كَمَا لَا يَخْفَى وَنُقِلَ عَنْ شَارِحٍ فِي مَعْنَاهُ، أَيْ: إِلَّا مَنِ اغْتَابَ أَخَاهُ، أَوْ سَبَّهُ، أَوْ آذَاهُ فِي نَفْسِهِ عَبَّرَ عَنْهَا بِالِاقْتِرَاضِ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَرَدُّ مِنْهُ فِي الْعُقْبَى وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اقْتَرَضَ بِمَعْنَى قَطَعَ وَقَالَ السُّيُوطِيُّ: أَيْ نَالَ مِنْهُ وَقَطَعَهُ بِالْغَيْبَةِ وَقَوْلُهُ: (أَنْ لَا نَتَدَاوَى) هَكَذَا فِي النُّسَخِ بِزِيَادَةِ لَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَمْرَ لِلْإِبَاحَةِ وَالرُّخْصَةِ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَقَامُ فَإِنَّ السُّؤَالَ عَنِ الْإِبَاحَةِ وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْأَمْرَ لِلنَّدَبِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ رِوَايَةِ الْمُصَنِّفِ أَنْ لَا نَتَدَاوَى بِزِيَادَةِ لَا النَّافِيَةِ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ فَقَدْ وَرَدَ مَدْحُ مَنْ تَرَكَ الدَّوَاءَ وَالِاسْتِرْقَاءَ تَوَكُّلًا عَلَى اللَّهِ نَعَمْ قَدْ تَدَاوَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيَانًا لِلْجَوَازِ فَمَنْ نَوَى مُوَافَقَتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُؤْجَرُ عَلَى ذَلِكَ (لَمْ يَضَعْ) لَمْ يَخْلُقْ (شِفَاءً) أَيْ: دَوَاءً شَافِيًا بِجَرْيِ الْعَادَةِ الْإِلَهِيَّةِ (إِلَّا الْهَرَمَ) بِفَتْحَتَيْنِ، أَيْ: كِبَرَ السِّنِّ وَعَدَّهُ مِنَ الْأَسْقَامِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَسْبَابِ الْهَلَاكِ وَمُقَدِّمَاتِهِ كَالدَّاءِ أَوْ لِأَنَّهُ يُفَتِّرُ الْبَدَنَ عَنِ الْقُوَّةِ وَالِاعْتِدَالِ كَالدَّوَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute