[بَاب مَنْ بَلَّغَ عِلْمًا]
٢٣٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ أَبِي هُبَيْرَةَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَبَلَّغَهَا فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ زَادَ فِيهِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ وَالنُّصْحُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ»
ــ
قَوْلُهُ (نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً) قَالَ الْخَطَّابِيُّ دَعَا لَهُ بِالنَّضَارَةِ وَهِيَ النِّعْمَةُ يُقَالُ نَضَّرَ بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ وَهُوَ أَجْوَدُ وَفِي النِّهَايَةِ يُرْوَى بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ مِنَ النَّضَارَةِ وَهِيَ فِي الْأَصْلِ حُسْنُ الْوَجْهِ وَالْبَرِيقُ وَأَرَادَ حُسْنَ قَدْرِهِ وَقِيلَ رُوِيَ مُخَفَّفًا وَأَكْثَرُ الْمُحَدِّثِينَ يَقُولُ بِالتَّثْقِيلِ وَالْأَوَّلُ الصَّوَابُ وَالْمُرَادُ أَلْبَسَهُ اللَّهُ النَّضْرَةَ وَهِيَ الْحُسْنُ وَخُلُوصُ اللَّوْنِ أَيْ جَمَّلَهُ وَزَيَّنَهُ وَأَوْصَلَهُ اللَّهُ إِلَى نَضْرَةِ الْجَنَّةِ أَيْ نَعِيمِهَا وَنَضَارَتِهَا قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ مَا مِنْ أَحَدٍ يَطْلُبُ الْحَدِيثَ إِلَّا وَفِي وَجْهِهِ نَضْرَةٌ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ رَأَيْتُ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي الْمَنَامِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْتَ قُلْتَ نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً وَتَلَوْتُ عَلَيْهِ الْحَدِيثَ جَمِيعَهُ وَوَجْهُهُ يَتَهَلَّلُ فَقَالَ لِي نَعَمْ أَنَا قُلْتُهُ قَوْلُهُ (فَرَبُّ حَامِلِ فِقْهٍ) بِمَنْزِلَةِ التَّعْلِيلِ لِمَا يُفْهَمُ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّ التَّبْلِيغَ مَطْلُوبٌ وَالْمُرَادُ بِحَامِلِ الْفِقْهِ حَافِظُ الْأَدِلَّةِ الَّتِي يُسْتَنْبَطُ مِنْهَا الْفِقْهُ غَيْرِ فَقِيهٍ أَيْ غَيْرِ قَادِرٍ عَلَى اسْتِنْبَاطِ الْفِقْهِ مِنْ تِلْكَ الْأَدِلَّةِ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ أَيْ هُوَ فَقِيهٌ أَيْضًا لَكِنَّهُ يَحْمِلُ الْفِقْهَ إِلَى أَفْقَهَ مِنْهُ بِأَنْ كَانَ الَّذِي يَسْمَعُ مِنْهُ أَفْقَهَ مِنْهُ وَأَقْدَرَ عَلَى اسْتِنْبَاطِهِ قَوْلُهُ (ثَلَاثٌ) أَيْ خِصَالٌ ثَلَاثٌ أَيْ ثَلَاثُ خِصَالٍ مَخْصُوصَةٌ بِالْإِضَافَةِ أَوِ التَّوْصِيفِ فَصَحَّ وُقُوعُهَا مُبْتَدَأً عِنْدَ الْكُلِّ قَوْلُهُ (لَا يُغِلُّ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْيَاءُ تَحْتَمِلُ الضَّمَّ وَالْفَتْحَ فَعَلَى الْأَوَّلِ مِنْ أَغَلَّ إِذَا خَانَ وَعَلَى الثَّانِي مِنْ غَلَّ إِذَا صَارَ ذَا حِقْدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute