[بَاب هَلْ يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ]
٢٦٦٣ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ وَمَنْ جَدَعَهُ جَدَعْنَاهُ»
ــ
قَوْلُهُ: (قَتَلْنَاهُ) اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ لَا يُقْتَلُ بِعَبْدِهِ، وَقَالُوا: الْحَدِيثُ وَارِدٌ عَلَى الزَّجْرِ وَالرَّدْعِ لِيَرْتَدِعُوا وَلَا يُقْدِمُوا عَلَى ذَلِكَ، وَقِيلَ: وَرَدَ فِي عَبْدٍ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ فَسَمَّى عَبْدَهُ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ، وَقِيلَ: مَنْسُوخٌ. قُلْتُ: حَاصِلُ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ قَتَلْنَاهُ وَأَمْثَالَهُ عَاقَبْنَاهُ وَجَازَيْنَاهُ عَلَى سُوءِ صَنِيعِهِ إِلَّا أَنَّهُ عَبَّرَ بِلَفْظِ الْقَتْلِ وَنَحْوِهِ لِلْمُشَاكَلَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ} [الشورى: ٤٠] وَفَائِدَةُ هَذَا التَّعْبِيرِ الزَّجْرُ وَالرَّدْعُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ لِمُجَرَّدِ الزَّجْرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرِيدَ بِهِ مَعْنًى، أَوْ أَنَّهُ أَرَادَ حَقِيقَةَ الزَّجْرِ فَإِنَّ الْأَوَّلَ يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْكَلِمَةُ مُهْمَلَةً، وَالثَّانِي يُؤَدِّي إِلَى الْكَذِبِ لِمَصْلَحَةِ الزَّجْرِ، وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَكَذَا كُلُّ مَا جَاءَ فِي كَلَامِهِمْ مِنْ نَحْوِ قَوْلِهِمْ هَذَا وَارِدٌ عَلَى سَبِيلِ التَّغْلِيظِ وَالتَّشْدِيدِ، فَمُرَادُهُمْ أَنَّ اللَّفْظَ يُحْمَلُ عَلَى مَعْنًى مَجَازِيٍّ يُنَاسِبُ الْمَقَامَ، وَفَائِدَةُ التَّعْبِيرِ إِيهَامُ الْحَقِيقَةِ لِلتَّشْدِيدِ وَالتَّغْلِيظِ، وَإِنْ كَانَ كَلَامُ بَعْضٍ آبِيًا عَنْ هَذَا، وَهَذِهِ الْفَائِدَةُ فِي مَوَاضِعَ فَاحْفَظْهَا، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ وَرَدَ فِي عَبْدٍ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ فَمَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَنْ مَوْصُولَةٌ لَا شَرْطِيَّةٌ وَالْكَلَامُ إِخْبَارٌ عَنْ وَاقِعَةٍ بِعَيْنِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute