قَوْلُهُ: (أَنْتَ الْحَقُّ) أَيْ وَاجِبُ الْوُجُودِ (وَوَعْدُكَ حَقٌّ) أَيْ صَادِقٌ لَا يُمْكِنُ التَّخَلُّفُ فِيهِ وَهَكَذَا يُفَسَّرُ الْحَقُّ فِي كُلِّ مَحَلٍّ بِمَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ الْمَحَلَّ وَأَمَّا التَّعْرِيفُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ تَعْرِيفَ الْخَبَرِ فِيهِمَا لَيْسَ لِلْقَصْرِ وَإِنَّمَا هُوَ لِإِفَادَةِ أَنَّ الْحُكْمَ بِهِ ظَاهِرٌ مُسَلَّمٌ لَا مُنَازِعَ فِيهِ كَمَا قَالَ عُلَمَاءُ الْمَعَانِي فِي قَوْلِهِ وَوَالَاكَ الْعَبْدُ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَرْجِعَ هَذَا الْكَلَامِ إِلَى أَنَّهُ تَعَالَى مَوْجُودٌ صَادِقُ الْوَعْدِ وَهَذَا أَمْرٌ يَقُولُ بِهِ الْمُؤْمِنُ وَالْكَافِرُ قَالَ تَعَالَى {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لقمان: ٢٥] وَلَمْ يُعْرَفْ فِي ذَلِكَ مُنَازِعٌ بَعْدَهُ يُعْتَدُّ بِهِ وَكَأَنَّهُ لِهَذَا عَدَلَ إِلَى التَّنْكِيرِ فِي الْبَقِيَّةِ حَيْثُ وُجِدَ الْمُنَازِعُ فِيهَا بَقِيَ أَنَّ الْمُنَاسِبَ بِذَلِكَ أَنْ يُقَالَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ كَمَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَكَانَ التَّنْكِيرُ فِي رِوَايَةِ الْكِتَابِ لِلْمُشَاكَلَةِ قَوْلُهُ: (وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ) التَّأْخِيرُ لِلتَّوَاضُعِ وَهُوَ أَنْسَبُ بِمَقَامِ الدُّعَاءِ وَذَكَرَهُ عَلَى الْإِفْرَادِ لِذَلِكَ وَلْيَتَوَسَّلَ بِكَوْنِهِ نَبِيًّا حَقًّا إِلَى إِجَابَةِ الدُّعَاءِ وَقِيلَ هُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ تَعْظِيمًا لَهُ بِكَوْنِهِ نَبِيًّا حَقًّا إِلَى إِجَابَةِ الدُّعَاءِ قَوْلُهُ: (لَكَ أَسْلَمْتُ) أَيِ انْقَدْتُ وَخَضَعْتُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ تَقْدِيمَ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ لِلْقَصْرِ بِالنَّظَرِ إِلَى سَائِرِ مَنْ عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى قَوْلُهُ: (وَبِكَ خَاصَمْتُ) أَيْ بِحُجَّتِكَ أَوْ بِقُوَّتِكَ (حَاكَمْتُ) أَيْ رَفَعْتُ الْحُكُومَةَ (مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ) أَيْ مَا فَعَلْتُ قَبْلُ وَمَا سَأَفْعَلُ بَعْدُ أَوْ مَا فَعَلْتُ وَمَا تَرَكْتُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute