أَيْ أَخَّرْتُ جَزَاءَهُ إِلَى الْآخِرَةِ وَلَفْظُ أَخَّرْتُ يَحْتَمِلُ الْخِطَابَ وَالتَّكَلُّمَ بِخِلَافِ لَفْظِ دَعَوْتُ فَإِنَّهُ لِلْمُتَكَلِّمِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ ادْعُهُ وَأَيْضًا الْكَلَامُ كَانَ فِي دُعَائِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لَا أَنَّهُ دُعَاءُ الرَّجُلِ لِنَفْسِهِ وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ وَإِنْ شِئْتَ صَبَرْتَ وَهُوَ خَيْرٌ لَكَ وَإِنَّمَا هُوَ خَيْرٌ لِمَا جَاءَ إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي بِبَلِيَّةٍ ثُمَّ صَبَرَ عَوَّضْتُهُ مِنْهَا الْجَنَّةَ قَوْلُهُ: (وَيَدْعُو) فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ أَمَرَهُ بِالدُّعَاءِ وَقَدْ طَلَبَ الرَّجُلُ مِنْهُ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ وَقَالَ سَابِقًا إِنْ شِئْتَ دَعَوْتُ بِإِسْنَادِ الدُّعَاءِ إِلَى نَفْسِهِ قُلْتُ: كَأَنَّهُ أَشَارَ بَذْلِكَ إِلَى أَنَّ تَعْلِيمَ الدُّعَاءِ وَالتَّشْفِيعَ بِهِ بِمَنْزِلَةِ دُعَائِهِ قِيلَ وَفِيهِ أَنَّهُ مَا رَضِيَ مِنْهُ بِاخْتِيَارِهِ الدُّعَاءَ لَمَّا قَالَ الصَّبْرُ خَيْرٌ لَكَ (يَا مُحَمَّدُ) فِيهِ جَوَازُ النِّدَاءِ بِاسْمِهِ فِي مَقَامِ التَّشَفُّعِ بِهِ لِأَنَّ الْمَقَامَ يُؤَدِّي مِنَ التَّعْظِيمِ مَا يُؤَدِّي بِهِ ذِكْرُهُ بِالْقَلْبِ وَفِيهِ أَنَّ إِحْضَارَهُ فِي أَثْنَاءِ الدُّعَاءِ وَالْخِطَابِ مَعَهُ فِيهِ جَائِزٌ كَإِحْضَارِهِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ وَالْخِطَابِ فِيهِ قَوْلُهُ: (شَفِّعْهُ) بِالتَّشْدِيدِ أَيِ اقْبَلْ شَفَاعَتَهُ فِي حَقِّي وَفِيهِ أَنَّ التَّشْفِيعَ بِمَنْزِلَةِ شَفَاعَتِهِ وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي أَبْوَابِ الْأَدْعِيَةِ فِي أَحَادِيثَ شَتَّى مِنْ بَابِ الْأَدْعِيَةِ وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي جَعْفَرٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute