قَوْلُهُ: (أَنْ يَحِيفَ) الْحَيْفُ الظُّلْمُ وَالْجَوْرُ أَيْ أَظَنَنْتِ أَنْ قَدْ ظَلَمْتُكِ بِجَعْلِ نَوْبَتَكِ لِغَيْرِكِ وَذَلِكَ مُنَافٍ لِمَنْصِبِ الرِّسَالَةِ وَذِكْرُ اللَّهِ لِتَعْظِيمِ رَسُولِهِ وَالدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ فِعْلَ الرَّسُولِ عَادَةً لَا يَكُونُ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَأَمْرِهِ وَفِيهِ أَنَّ الْقَسْمَ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ إِذْ لَا يَكُونُ تَرْكُهُ جَوْرًا إِلَّا إِذَا كَانَ وَاجِبًا (قَالَتْ) أَيْ عَائِشَةُ (قَدْ قُلْتَ:) أَيْ فِي جَوَابِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ (وَمَا بِي ذَلِكَ) الْخَوْفُ وَالظَّنُّ السُّوءُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قَوْلُهُ: (وَلَكِنِّي ظَنَنْتُ إِلَخْ) أَيْ لَكِنِّي ظَنَنْتُ أَنَّكَ فَعَلْتَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ مِنَ الْإِتْيَانِ لِبَعْضِ نِسَائِكَ تُرِيدُ أَنَّهَا مَا جَوَّزَتْ ذَلِكَ وَلَا زَعَمَتْهُ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ حَيْفًا وَجَوْرًا وَلَكِنْ جَوَّزَتْ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ فِي ذَاتِهِ إِتْيَانُ بَعْضِ النِّسَاءِ وَهُوَ حَلَالٌ وَالْمَقْصُودُ أَنَّهَا مَا لَاحَظَتْ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ ظُلْمًا وَلَكِنْ لَاحَظَتْ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ حَلَالًا فَلِذَلِكَ جَوَّزَتْهُ فَانْظُرْ إِلَى كَمَالِ عَقْلِهَا فَإِنَّهَا قَدْ زَعَمَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَذَلِكَ جَوْرًا وَقَالَ أَتَخَافِينَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ فَإِنْ قَالَتْ فِي الْجَوَابِ نَعَمْ خِفْتُ ذَلِكَ يَكُونُ قَبِيحًا وَإِنْ قَالَتْ مَا خِفْتُهُ يَكُونُ كَذِبًا فَتَفَطَّنْ (إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَنْزِلُ إِلَخْ) اسْتِئْنَافٌ لِبَيَانِ مُوجِبِ خُرُوجِهِ مِنْ عِنْدِهَا يَعْنِي خَرَجْتُ لِلدُّعَاءِ لِأَهْلِ الْبَقِيعِ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ كَثْرَةِ الرَّحْمَةِ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute