وَالْمَدِّ أَيْ بِقُرْبِ دَارِهِ (مَا كَانَ يَبْقَى) كَلِمَةُ مَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ وَالدَّرَنُ بِفَتْحَتَيْنِ الْوَسَخُ قَوْلُهُ: (تُذْهِبُ الذُّنُوبَ) خَصَّهَا الْعُلَمَاءُ بِالصَّغَائِرِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ لَا يُنَاسِبُ التَّشْبِيهَ بِالْمَاءِ فِي إِزَالَةِ الدَّرَنِ إِذْ مَاءُ النَّهَرِ الْمَذْكُورُ لَا يُبْقِي مِنَ الدَّرَنِ شَيْئًا أَصْلًا وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يُبْقِي فَإِبْقَاءُ الْقَلِيلِ وَالصَّغِيرِ أَقْرَبُ مِنْ إِبْقَاءِ الْكَثِيرِ وَالْكَبِيرِ فَاعْتِبَارُ بَقَاءِ الْكَبِيرِ وَارْتِفَاعِ الصَّغِيرِ قَلْبٌ لِمَا هُوَ الْمَعْقُولُ نَظَرًا إِلَى التَّشْبِيهِ فَلَعَلَّ مَا ذَكَرُوا مِنَ التَّخْصِيصِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ لِلصَّغَائِرِ تَأْثِيرًا فِي دَرَنِ الظَّاهِرِ فَقَطْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا وَرَدَ مِنْ خُرُوجِ الصَّغَائِرِ عَنِ الْأَعْضَاءِ عِنْدَ التَّوَضُؤِ بِالْمَاءِ بِخِلَافِ الْكَبَائِرِ فَإِنَّ لَهَا تَأْثِيرًا فِي دَرَنِ الْبَاطِنِ كَمَا جَاءَ أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا ارْتَكَبَ الْمَعْصِيَةَ تَحْصُلُ فِي قَلْبِهِ نُقْطَةٌ سَوْدَاءُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: ١٤] وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ أَشَدَّ الْكَبَائِرِ يُذْهِبُهَا التَّوْبَةُ الَّتِي هِيَ نَدَامَةٌ بِالْقَلْبِ فَكَمَا أَنَّ الْغُسْلَ إِنَّمَا يَذْهَبُ بِدَرَنِ الظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ فَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ فَتُكَفِّرُ وَفِي الزَّوَائِدِ حَدِيثُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute