للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَوْجُودَةٍ أَوْ خَيْرٍ وَهُوَ الْأَوْجَهُ قَوْلُهُ: (مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ) مُتَعَلِّقَةٌ بِأَحَبَّ وَالْمَعْنَى عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ مِنْ عَمَلِ هَذِهِ الْأَيَّامِ لِيَكُونَ الْمُفَضَّلُ وَالْمُفَضَّلُ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ ثُمَّ الْمُتَبَادَرُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ عُرْفًا أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ صَالِحٍ إِذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ نَفْسِهِ إِذَا وَقَعَ فِي غَيْرِهَا وَهَذَا مِنْ بَابِ تَفْضِيلِ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ بِاعْتِبَارَيْنِ وَهُوَ شَائِعٌ وَأَصْلُ اللُّغَةِ فِي مِثْلِ هَذَا الْكَلَامِ لَا يُفِيدُ الْأَحَبِّيَّةَ بَلْ يَكْفِي فِيهِ الْمُسَاوَاةُ لِأَنَّ نَفْيَ الْأَحَبِّيَّةِ يَصْدُقُ بِالْمُسَاوَاةِ وَهَذَا وَاضِحٌ وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ لَا يَظْهَرُ لِاسْتِبْعَادِهِمُ الْمَذْكُورِ بِلَفْظِ وَلَا الْجِهَادُ إِذْ لَا يُسْتَبْعَدُ أَنْ يَكُونَ الْجِهَادُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ أَحَبَّ مِنْهُ فِي غَيْرِهَا أَوْ مُسَاوِيًا لِلْجِهَادِ فِي غَيْرِهَا نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ مُطْلَقًا أَيَّ عَمَلٍ كَانَ، أَحَبُّ مِنَ الْعَمَلِ فِي غَيْرِهَا مُطْلَقًا أَيِّ عَمَلٍ كَانَ، حَتَّى إِنَّ أَدْنَى الْأَعْمَالِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ أَحَبُّ مِنْ أَعْظَمِ الْأَعْمَالِ فِي غَيْرِهَا لَكَانَ الِاسْتِبْعَادُ مُوَجَّهًا لَكِنْ كَوْنُ ذَلِكَ مُرَادًا بَعِيدٌ لَفْظًا وَمَعْنًى فَلَعَلَّ وَجْهَ اسْتِبْعَادِهِمْ أَنَّ الْجِهَادَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ يُخِلُّ بِالْحَجِّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي غَيْرِهَا أَحَبَّ مِنْهَا فِيهَا وَحِينَئِذٍ قَوْلُهُ: ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِلَّا رَجُلٌ أَيْ جِهَادُ رَجُلٍ بَيَانٌ لِفَخَامَةِ جِهَادِهِ وَتَعْظِيمٌ لَهُ بِأَنَّهُ قَدْ بَلَغَ مَبْلَغًا لَا يَكَادُ يُتَفَاوَتُ بِشَرَفِ الزَّمَانِ وَعَدَمِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>