للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِلَا سَبَبٍ وَقِيلَ الِاسْتِيصَاءُ بِمَعْنَى الْإِيصَاءِ (عَوَانٌ) جَمْعُ عَانِيَةٍ بِمَعْنَى الْأَسِيرَةِ (غَيْرَ ذَلِكَ) أَيْ غَيْرَ الْأَمْرِ الْمَعْهُودِ الَّذِي لِأَجْلِهِ شُرِعَ نِكَاحُهُنَّ قَوْلُهُ (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ إِلَخْ) أَيْ لَا تَمْلِكُونَ غَيْرَ ذَلِكَ فِي وَقْتٍ إِلَّا وَقْتَ إِتْيَانِهِنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ أَيْ ظَاهِرَةٍ فُحْشًا وَقُبْحًا وَالْمُرَادُ النُّشُوزُ وَشَكَاسَةُ الْخُلُقِ وَإِيذَاءُ الزَّوْجِ وَأَهْلِهِ بِاللِّسَانِ وَالْيَدِ لَا الزِّنَا إِذْ لَا يُنَاسِبُ (ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ) وَهَذَا هُوَ الْمُلَائِمُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} [النساء: ٣٤] الْآيَةَ فَالْحَدِيثُ عَلَى هَذَا كَالتَّفْسِيرِ لِلْآيَةِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالضَّرْبِ فِيهَا هُوَ الضَّرْبُ الْمُتَوَسِّطُ لَا الشَّدِيدُ (وَالْمَضَاجِعِ) الْمَرَاقِدِ أَيْ فَلَا تُدْخِلُوهُنَّ تَحْتَ اللُّحُفِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ فَيَكُونَ كِنَايَةً عَنِ الْجِمَاعِ (غَيْرَ مُبَرِّحٍ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ وَتَشْدِيدِ رَاءٍ وَحَاءٍ مُهْمَلَةٍ هُوَ الشَّدِيدُ الشَّاقُّ {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ} [النساء: ٣٤] فِي تَرْكِ النُّشُوزِ {فَلَا تَبْغُوا} [النساء: ٣٤] إِلَخْ بِالتَّوْبِيخِ وَالْأَذِيَّةِ أَيْ فَأَزِيلُوا عَنْهُنَّ التَّعَرُّضَ وَاجْعَلُوا مَا كَانَ مِنْهُنَّ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فَإِنَّ التَّائِبَ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ (فَلَا يُوطِئْنَ) صِفَةُ جَمْعِ النِّسَاءِ مِنَ الْإِيطَاءِ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ فِي مَعْنَاهُ أَنْ لَا يُمَكِّنَّ مِنْ أَنْفُسِهِنَّ أَحَدًا سِوَاكُمْ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا مَعْنَى حِينَئِذٍ لِاشْتِرَاطِ الْكَرَاهَةِ لِأَنَّ الزِّنَا حَرَامٌ عَلَى الْوُجُوهِ كُلِّهَا قُلْتُ يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي جِمَاعِهِنَّ يَشْمَلُ عَادَةً لِلْكُلِّ سِوَى الزَّوْجِ وَلِذَا قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ أَحَدًا سِوَاكُمْ فَلَا إِشْكَالَ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ أَنْ لَا يُؤْذِنَّ لِأَحَدٍ مِنَ الرِّجَالِ يَدْخُلُ فَيُحَدِّثُ إِلَيْهِنَّ وَكَانَ الْحَدِيثُ مِنَ الرِّجَالِ إِلَى النِّسَاءِ مِنْ عَادَاتِ الْعَرَبِ لَا يَرَوْنَ ذَلِكَ عَيْبًا وَلَا يَعُدُّونَهُ رِيبَةً فَلَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ وَصَارَتِ النِّسَاءُ مَقْصُورَاتٍ نَهَى عَنْ مُحَادِثَتِهِنَّ وَالْقُعُودِ إِلَيْهِنَّ وَقَوْلُهُ مَنْ تَكْرَهُونَ أَيْ تَكْرَهُونَ دُخُولِهِ سَوَاءٌ كَرِهْتُمُوهُ فِي نَفْسِهِ أَمْ لَا قِيلَ الْمُخْتَارُ مَنْعُهُنَّ عَنْ إِذْنِ أَحَدٍ فِي الدُّخُولِ وَالْجُلُوسِ فِي الْمَنَازِلِ سَوَاءٌ كَانَ مَحْرَمًا أَوِ امْرَأَةً إِلَّا بِرِضَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>