أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُ الْخَيْرِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَاعْتِبَارُ تَنْزِيلِ غَيْرِ الْفِقْهِ فِي الدِّينِ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْفِقْهِ فِي الدِّينِ فَيَكُونُ الْكَلَامُ مَبْنِيًّا عَلَى الْمُبَالَغَةِ كَانَ مَنْ لَمْ يُعْطَ الْفِقْهَ فِي الدِّينِ مَا أُرِيدَ بِهِ الْخَيْرُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنَ الْوُجُوهِ لَا يُنَاسِبُ الْمَقْصُودَ وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَنْ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ لِأَنَّ كَلَامَ الشَّارِعِ غَالِبًا يَتَعَلَّقُ بِبَيَانْ أَحْوَالِهِمْ فَلَا يَرِدُ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَأَسْلَمَ أَوْ مَاتَ قَبْلَ مَجِيءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ مَثَلًا أَيْ قَبْلَ تَقَرُّرِ التَّكْلِيفِ وَالْفِقْهُ فِي الدِّينِ هُوَ الْعِلْمُ الَّذِي يُورِثُ الْخَشْيَةَ فِي الْقَلْبِ وَيَظْهَرُ أَثَرُهُ عَلَى الْجَوَارِحِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْإِنْذَارُ كَمَا يُشِيرُ إِلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: ١٢٢] وَعَنِ الدَّارِمِيِّ عَنْ عِمْرَانَ قَالَ قُلْتُ لِلْحَسَنِ يَوْمًا فِي شَيْءٍ يَا أَبَا سَعِيدٍ لَيْسَ هَكَذَا يَقُولُ الْفُقَهَاءُ فَقَالَ وَيْحَكَ هَلْ رَأَيْتَ فَقِيهًا قَطُّ إِنَّمَا الْفَقِيهُ الزَّاهِدُ فِي الدُّنْيَا الرَّاغِبُ فِي الْآخِرَةِ الْبَصِيرُ بِأَمْرِ دِينِهِ الْمُدَاوِمُ عَلَى عِبَادَةِ رَبِّهِ وَفِي الزَّوَائِدِ قُلْتُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمُعَاوِيَةَ انْتَهِي وَإِسْنَادُ أَبِي هُرَيْرَةَ ظَاهِرُهُ الصِّحَّةُ وَلَكِنَ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى الزُّهْرِيِّ قَرَّرَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ شُعَيْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَالَ الصَّوَابُ رِوَايَةُ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُعَاوِيَةَ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute