كَمَا أَعْلَمَ بِالرَّجْمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَلِيلًا لَا يَتِمُّ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ عَلَى ثُبُوتِ الرَّجْمِ أَيْضًا. وَالْمُعْجَبُ مِنَ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ قَرَّرَهُ دَلِيلًا حِينَ وَافَقَ مَطْلُوبَهُ، ثُمَّ جَاءَ يُخَالِفُهُ حِينَ لَمْ يُوَافِقْ وَالِاسْتِدْلَالُ بِالسُّكُوتِ وَعَدَمِ الْإِنْكَارِ مَشْهُورٌ بَيْنَهُمْ وَيَعْرِفُونَهُ إِجْمَاعًا سُكُوتِيًّا فَلُزُومُ مُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ وَارِدٌ عَلَى الْجُمْهُورِ إِلْزَامًا لَهُمْ. نَعَمِ التَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَيْسَ بِدَلِيلٍ؛ إِذْ لَا يَجِبُ إِنْكَارُ قَوْلِ الْمُجْتَهِدِ بَلْ قَوْلِ الْمُقَلِّدِ إِذَا وَافَقَ الْمُجْتَهِدَ، فَكَيْفَ قَوْلُ الْخَلِيفَةِ إِذَا كَانَ مُجْتَهِدًا فَالِاسْتِدْلَالُ بِالسُّكُوتِ عَلَى الْإِجْمَاعُ لَيْسَ بِشَيْءٍ. قَوْلُهُ: (وَقَامَتِ الْبَيِّنَةُ) عَلَى الزِّنَا (وَقَدْ قَرَأْتُهَا) أَيْ: آيَةَ الرَّجْمِ وَهَذِهِ الْآيَةُ مِمَّا نُسِخَ لَفْظُهَا وَبَقِيَ حُكْمُهَا (الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ) لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُمَا الْإِحْصَانُ عَادَةً فَذُكِرَ، أَوْ أُرِيدَ بِهِمَا الْمُحْصَنُ وَالْمُحْصَنَةُ، وَفِي هَذَا الْإِطْلَاقِ تَنْفِيرٌ لَهُمَا عَنْ هَذَا الْفِعْلِ الشَّنِيعِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ هَذَا السِّنَّ يَقْتَضِي كَمَالَ الْعَقْلِ وَقِلَّةَ الشَّهْوَةِ وَالْقُرْبَ مِنَ الْمَوْتِ وَالِاسْتِعْدَادَ لِلْآخِرَةِ، فَالْوُقُوعُ فِي هَذَا الْفِعْلِ مَعَ ذَلِكَ قَبِيحٌ جِدًّا، وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ التَّغْلِيظَ فِي حَقِّهِمَا فِي الْحَدِّ تَغْلِيظٌ فِي مَحَلِّهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute