للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَفَتْحٍ فَتَشْدِيدِ نُونٍ اسْمُ مَا يُسْتَرُ بِهِ مِنَ التُّرْسِ وَنَحْوِهِ، ثُمَّ ظَاهِرُ الْكِتَابِ نَوْطُ الْقَطْعِ بِتَحْقِيقِ مُسَمَّى السَّرِقَةِ قَالَ تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] لَكِنَّ الْآيَةَ عَلَى تَقْيِيدِ هَذَا الْإِطْلَاقِ فَاخْتَلَفُوا فِي الْقَدْرِ الَّذِي يُقْطَعُ فِيهِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ حَدِيثَ: فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ لَا يَدُلُّ عَلَى تَعْيِينِ أَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَلَا يَنْفِي الْقَطْعَ فِيمَا دُونَهُ لَا مَنْطُوقًا وَلَا مَفْهُومًا؛ لِأَنَّهُ حِكَايَةُ حَالٍ لَا عُمُومَ لَهُ، وَكَذَا مَا جَاءَ مِنَ الْقَطْعِ فِي عَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَقَدْ جَاءَ التَّحْدِيدُ فِي الزَّوَائِدِ فِي الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ بِرُبْعِ دِينَارٍ، فَالْأَقْرَبُ الْقَوْلُ بِهِ، وَمَا جَاءَ بِهِ مِنَ الْقَطْعِ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فَقَدْ جَاءَ أَنَّ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ كَانَتْ رُبْعَ الدِّينَارِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَصَارَ الْأَصْلُ رُبْعَ الدِّينَارِ وَقَدِ اعْتَرَفَ بِقُوَّةِ هَذَا الْقَوْلِ كَثِيرٌ مِنَ الْمُخَالِفِينَ، وَمَنْ زَادَ فِي التَّحْدِيدِ عَلَى رُبْعِ الدِّينَارِ اعْتَذَرَ بِأَنَّ أَحَادِيثَ التَّحْدِيدِ لَا تَخْلُو عَنِ اضْطِرَابٍ، وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنْ لَا يُقْطَعَ بِمُطْلَقِ مُسَمَّى السَّرِقَةِ وَيَدُ الْمُسْلِمِ لَهُ حُرْمَةٌ فَلَا يَنْبَغِي قَطْعُهَا بِالشَّكِّ، وَفِيمَا دُونَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ حَصَلَ الشَّكُّ بِوَاسِطَةِ الِاضْطِرَابِ فِي الْحَدِيثِ وَاخْتِلَافِ الْأَئِمَّةِ، فَالْوَجْهُ تَرْكُهُ وَالْأَخْذُ بِالْعَشَرَةِ، أَيْ: فَلَا خِلَافَ لِأَحَدٍ فِي الْقَطْعَ بِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>