٢٦١٩ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ جَنَاحٍ عَنْ أَبِي الْجَهْمِ الْجُوْزَجَانِيِّ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ»
ــ
قَوْلُهُ: (لَزَوَالُ الدُّنْيَا. . . إِلَخْ) الْكَلَامُ مَسُوقٌ لِتَعْظِيمِ الْقَتْلِ وَتَهْوِيلِ أَمْرِهِ وَكَيْفِيَّةِ إِفَادَةِ اللَّفْظِ ذَلِكَ هُوَ أَنَّ الدُّنْيَا عَظِيمَةٌ فِي نُفُوسِ الْخَلْقِ، فَزَوَالُهَا يَكُونُ عِنْدَهُمْ عَلَى قَدْرِ عَظَمَتِهَا، فَإِذَا قِيلَ: إِنَّ زَوَالَهَا أَهْوَنُ مِنْ قَتْلِ الْمُؤْمِنِ يُفِيدُ الْكَلَامُ مِنْ تَعْظِيمِ الْقَتْلِ وَتَهْوِيلِهِ وَتَقْبِيحِهِ وَتَشْنِيعِهِ مَا لَا يُحِيطُهُ الْوَصْفُ، وَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ فِي كَوْنِ الزَّوَالِ إِثْمًا أَوْ ذَنْبًا، حَتَّى يُقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ بِذَنْبٍ فَكُلُّ ذَنْبٍ بِجِهَةِ كَوْنِهِ ذَنْبًا أَعْظَمُ مِنْهُ، فَأَيُّ تَعْظِيمٍ حَصَلَ لِلْقَتْلِ بِجَعْلِ زَوَالِ الدُّنْيَا أَهْوَنَ مِنْهُ، وَإِنْ أُرِيدَ بِالزَّوَالِ الْإِزَالَةُ فَإِزَالَةُ الدُّنْيَا يَسْتَلْزِمُ قَتْلَ الْمُؤْمِنِينَ، فَكَيْفَ يُقَالُ: إِنَّ قَتْلَ وَاحِدٍ أَعْظَمُ مِمَّا يَسْتَلْزِمُ قَتْلَ الْكُلِّ وَكَذَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِ الدُّنْيَا عَظِيمَةً فِي ذَاتِهَا عِنْدَ اللَّهِ حَتَّى يُقَالَ: هِيَ لَا تُسَاوِي جَنَاحَ بَعُوضَةٍ عِنْدَ اللَّهِ فَكُلُّ شَيْءٍ أَعْظَمُ مِنْهَا فَلَا فَائِدَةَ فِي الْقَوْلِ بِأَنَّ قَتْلَ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ مِنْهَا مَثَلًا، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنَ الْكَامِلُ الَّذِي يَكُونُ عَارِفًا بِاللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ فَإِنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنْ خَلْقِ الْعَالَمِ لِكَوْنِهِ مُظْهِرًا لِآيَاتِهِ وَأَسْرَارِهِ وَمَا سِوَاهُ فِي هَذَا الْعَالَمِ الْحِسِّيِّ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَقْصُودٌ لِأَجْلِهِ وَمَخْلُوقٌ لِيَكُونَ مَسْكَنًا لَهُ وَمَحَلًّا لِتَفَكُّرِهِ، فَصَارَ زَوَالُهُ أَعْظَمَ مِنْ زَوَالِ التَّابِعِ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ، وَقَدْ صَرَّحَ الْوَلِيدُ بِالسَّمَاعِ فَزَالَتْ تُهْمَةُ تَدْلِيسِهِ، وَالْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِ الْبَرَاءِ أَخْرَجَهُ غَيْرُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute