للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمُشَاهَدُ فِي الْأَنْوَارِ إِذْ يُمْكِنُ أَنْ يُسْرَجَ أَلْفُ سِرَاجٍ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مَعَ أَنَّهُ يَمْتَلِئُ نُورًا مِنْ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ السُّرُجِ لَكِنْ لِكَوْنِهِ لَا يُزَاحَمُ يَجْتَمِعُ مَعَهُ نُورُ الثَّانِي وَنُورُ الثَّالِثِ ثُمَّ لَا يَمْنَعُ امْتِلَاءُ الْبَيْتِ مِنَ النُّورِ جُلُوسَ الْقَاعِدِينَ فِيهِ لِعَدَمِ التَّزَاحُمِ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ مَعَ كَثْرَةِ التَّسْبِيحَاتِ وَالتَّقْدِيسَاتِ مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ أَنْ لَا يَبْقَى مَكَانٌ لِشَخْصٍ مِنْ أَهْلِ الْمَحْشَرِ وَلَا لِعَمَلٍ آخَرَ مُتَجَسِّدٍ مِثْلِ تَجَسُّدِ التَّسْبِيحِ وَغَيْرِهِ قَوْلُهُ (نُورٌ) لِتَأْثِيرِهِ فِي تَنْوِيرِ الْقُلُوبِ وَإِشْرَاحِ الصُّدُورِ قَوْلُهُ (بُرْهَانٌ) دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِ صَاحِبِهِ فِي دَعْوَى الْإِيمَانْ إِذِ الْإِقْدَامُ عَلَى بَذْلِهِ خَالِصًا لِلَّهِ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ صَادِقٍ فِي إِيمَانِهِ قَوْلُهُ (وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ إِلَخْ) أَيْ نُورٌ قَوِيٌّ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا} [يونس: ٥] وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالصَّبْرِ الصَّوْمُ وَهُوَ لِكَوْنِهِ قَهْرًا عَلَى النَّفْسِ قَامِعًا لِشَهَوَاتِهَا لَهُ تَأْثِيرٌ عَادَةً فِي تَنْوِيرِ الْقَلْبِ بِأَتَمِّ وَجْهٍ إِنْ عَمِلْتَ بِهِ (أَوْ عَلَيْكَ) إِنْ قَرَأْتَهُ بِلَا عَمَلٍ قَوْلُهُ (كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو إِلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ كُلُّ إِنْسَانٍ يَسْعَى بِنَفْسِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَبِيعُهَا لِلَّهِ تَعَالَى بِطَاعَتِهِفَيُعْتِقُهَا مِنَ الْعَذَابِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَبِيعُهَا لِلشَّيْطَانِ وَالْهَوَى بِاتِّبَاعِهِمَا فَيُوبِقُهَا أَيْ يُهْلِكُهَا وَقَالَ الطِّيبِيُّ كُلُّ النَّاسِ يَسْعَى فِي الْأُمُورِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَبِيعُهَا مِنَ اللَّهِ فَيُعْتِقُهَا أَوْ يَبِيعُهَا مِنَ الشَّيْطَانِ فَيُوبِقُهَا وَفِي الْمَفَاتِيحِ الْبَيْعُ الْمُبَادَلَةُ وَالْمَعْنَى بِهِ هَاهُنَا صَرْفُ النَّفْسِ وَاسْتِعْمَالُهَا فِي عِوَضِ مَا يَتَوَخَّاهُ وَيَتَوَجَّهُ نَحْوَهُ فَإِنْ كَانَ خَيْرًا يَرْضَاهُ اللَّهُ فَقَدْ أَعْتَقَ نَفْسَهُ مِنَ النَّارِ وَإِنْ كَانَ شَرًّا فَقَدْ أَوْبَقَهَا أَيْ أَهْلَكَهَا انْتَهَى وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>