الْمَوْضِعَيْنِ وَهُوَ التَّبْكِيرُ إِلَى الصَّلَاةِ وَالْبَادِرَةُ إِلَيْهَا (اشِكَمَتْ دَرْدْ) هُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ بِمَعْنَى أَتَشْتَكِي بَطْنَكَ كَمَا فَسَّرَهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ قَوْلُهُ: (فَإِنَّ الصَّلَاةَ شِفَاءٌ) قَالَ الْمُوَفِّقُ: الصَّلَاةُ قَدْ تُبْرِئُ مِنْ أَلَمِ الْفُؤَادِ وَالْمَعِدَةِ وَالْأَمْعَاءِ وَكَذَلِكَ مِنَ الْآلَامِ؛ وَلِذَلِكَ ثَلَاثُ عِلَلٍ الْأُولَى أَنَّهَا أَمْرٌ إِلَهِيٌّ حَيْثُ كَانَتْ عِبَادَةً يُرِيدُ أَنَّهَا تَدْفَعُ الْأَمْرَاضَ بِالْبَرَكَةِ وَالثَّانِيَةُ أَنَّ النَّفْسَ تَلْهُو فِيهَا عَنِ الْأَلَمِ وَيَقِلُّ إِحْسَاسُهَا فَتَسْتَظْهِرُ الْقُوَّةَ عَلَيْهِ فَإِنَّ قُوَّةَ الْأَعْضَاءِ وَالْمَعِدَةِ بِمَصَالِحِهِ وَحَوَاسِّهِ الَّتِي سَمَّتْهَا الْأَطِبَّاءُ طَبِيعَةً هِيَ الشَّافِيَةُ لِلْأَمْرَاضِ بِإِذْنِ خَالِقِهَا وَالْمَاهِرُ مِنَ الْأَطِبَّاءِ يَعْمَلُ كُلَّ حِيلَةٍ فِي تَقْوِيَتِهَا إِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةً، وَفِي انْتِبَاهِهَا إِنْ كَانَتْ غَافِلَةً، وَفِي إِلْفَاتِهَا إِنْ كَانَتْ مُعْرِضَةً، وَفِي اسْتِزَادَتِهَا إِنْ كَانَتْ مُقَصِّرَةً تَارَةً بِتَحْرِيكِ السُّرُورِ وَالْفَرَحِ وَتَارَةً بِالْحَيَاءِ وَالْخَوْفِ وَالْخَجَلِ وَتَارَةً بِتَذْكِيرِهَا وَشُغْلِهَا بِعَظَائِمِ الْأُمُورِ وَعَوَاقِبِ الْمَصِيرِ وَأَمْرِ الْمَعَادِ، وَالصَّلَاةُ تَجْمَعُ ذَلِكَ، أَوْ أَكْثَرَهُ إِذْ يَحُضُّ الْعَبْدَ فِيهَا خَوْفٌ وَرَجَاءٌ وَأَمَلٌ وَتَذَكُّرُ الْآخِرَةِ وَأَحْوَالِهَا، وَكَثِيرٌ مِنَ الْأَمْرَاضِ الْمُزْمِنَةِ تُشْفَى بِالْأَوْهَامِ، وَالثَّالِثَةُ: أَمْرٌ ظَنِّيٌّ وَذَلِكَ أَنَّ الصَّلَاةَ رِيَاضَةٌ فَاضِلَةٌ لِلنَّفْسِ؛ لِأَنَّهَا تَشْتَمِلُ عَلَى انْتِصَابٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَتَوَرُّكٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَوْضَاعِ الَّتِي تَتَحَرَّكُ مَعَهَا أَكْثَرُ الْمَفَاصِلِ وَيَنْغَمِرُ فِيهَا أَكْثَرُ الْأَعْضَاءِ سِيَّمَا الْمَعِدَةِ وَالْأَمْعَاءِ وَسَائِرِ آلَاتِ التَّنَفُّسِ وَالْغِذَاءِ عِنْدَ السُّجُودِ وَمَا أَنْفَعَ السُّجُودَ الطَّوِيلَ لِصَاحِبِ النَّزْلَةِ وَالزُّكَامِ وَمَا أَنْفَعَ السُّجُودَ لِانْصِبَابِ النَّزْلَةِ إِلَى الْحَلْقِ وَمَا أَشَدَّ إِعَانَةَ السُّجُودِ الطَّوِيلِ عَلَى فَتْحِ سَدَدِ الْمَنْخِرَيْنِ فِي عِلَّةِ الزُّكَامِ وَإِنْضَاجِ مَادَّتِهِ وَمَا أَقْوَى مُعَاوَنَةَ السُّجُودِ عَلَى هَضْمِ الطَّعَامِ مِنَ الْمَعِدَةِ وَالْأَمْعَاءِ وَتَحْرِيكِ الْفُضُولِ الْمُتَخَلِّقَةِ فِيهَا وَإِخْرَاجِهَا إِذْ عِنْدَهُ تَنْحَصِرُ الْآلَاتُ بِازْدِحَامِهَا وَيَتَسَاقَطُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ وَكَثِيرًا مَا تَسْتُرُ الصَّلَاةُ النَّفْسَ وَتَمْحَقُ الْهَمَّ وَالْحُزْنَ وَتُذِيبُ الْآمَالَ الْخَائِبَةَ وَتَكْشِفُ عَنِ الْأَوْهَامِ الْكَاذِبَةِ وَيَصْفُو فِيهَا الذِّهْنُ وَتُطْفِي نَارَ الْغَضَبِ اهـ. وَفِي الزَّوَائِدِ: فِي إِسْنَادِهِ لَيْثٌ وَهُوَ ابْنُ أَبِي سُلَيْمٍ وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute