٣١٦ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ وَالْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ «قَالَ لَهُ بَعْضُ الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ إِنِّي أَرَى صَاحِبَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةِ قَالَ أَجَلْ أَمَرَنَا أَنْ لَا نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ وَلَا نَسْتَنْجِيَ بِأَيْمَانِنَا وَلَا نَكْتَفِيَ بِدُونِ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ لَيْسَ فِيهَا رَجِيعٌ وَلَا عَظْمٌ»
ــ
قَوْلُهُ (حَتَّى الْخِرَاءَةَ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ كَالْقِرْبَةِ أَوْ بِفَتْحِهَا كَالْكَرْهَةِ وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمُ الْفَتْحَ لَكِنَّ كَلَامَ الصِّحَاحِ يُفِيدُ صِحَّةَ الْفَتْحِ وَهُوَ الْقُعُودُ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَقِيلَ هُوَ فِعْلُهُ الْحَاجَةَ وَقِيلَ الْمُرَادُ هَيْئَةُ الْقُعُودِ لِلْحَدَثِ وَقَالَ الطِّيبِيُّ الْمُرَادُ آدَابُ التَّخَلِّي قِيلَ وَلَعَلَّهُ بِالْفَتْحِ مَصْدَرٌ وَبِالْكَسْرِ اسْمٌ. قُلْتُ كَوْنُ الْمُرَادِ هَيْئَةَ الْقُعُودِ يَقْتَضِي أَنْ يُجْعَلَ كَجِلْسَةٍ بِالْكَسْرِ كَهَيْئَةِ الْجُلُوسِ فَلْيُتَأَمَّلْ قَوْلُهُ (أَجَلْ) بِسُكُونِ اللَّامِ أَيْ نَعَمْ قَالَ الطِّيبِيُّ جَوَابُ سَلْمَانَ مِنْ بَابِ أُسْلُوبِ الْحَكِيمِ لِأَنَّ الْمُشْرِكَ لَمَّا اسْتَهْزَأَ كَانَ مِنْ صِفَتِهِ أَنْ يُهَدِّدَ أَوْ يَسْكُتَ عَنْ جَوَابِهِ لَكِنْ مَا الْتَفَتَ سَلْمَانُ إِلَى اسْتِهْزَائِهِ وَأَخْرَجَ الْجَوَابَ مَخْرَجَ الْمُرْشِدِ الَّذِي يُرْشِدُ السَّائِلَ الْمُجِدَّ يَعْنِي لَيْسَ هَذَا مَكَانَ الِاسْتِهْزَاءِ بَلْ هُوَ جِدٌّ وَحَقٌّ فَالْوَاجِبُ عَلَيْكَ تَرْكُ الْعِنَادِ وَالرُّجُوعُ إِلَيْهِ قُلْتُ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ رَدٌّ لَهُ بِأَنَّ مَا زَعَمَهُ سَبَبًا لِلِاسْتِهْزَاءِ لَيْسَ بِسَبَبٍ يُصَرِّحُ الْمُسْلِمُونَ بِهِ عِنْدَ الْأَعْدَاءِ وَأَيْضًا هُوَ أَمْرٌ يُحْسِنُهُ الْعَقْلُ عِنْدَ مَعْرِفَةِ تَفْصِيلِهِ فَلَا عِبْرَةَ لِلِاسْتِهْزَاءِ بِهِ بِسَبَبِ الْإِضَافَةِ إِلَى أَمْرٍ يُسْتَقْبَحُ ذِكْرُهُ فِي الْإِجْمَالِ وَالْجَوَابُ بِالرَّدِّ لَا يُسَمَّى بِاسْمِ أُسْلُوبِ الْحَكِيمِ قَوْلُهُ بِدُونِ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ أَيْ بِأَقَلَّ مِنْهَا أَيْ أَنَّهُ لَا يُفِيدُ الِانْتِقَاءَ الْمَطْلُوبَ عَادَةً أَوْ لِأَنَّ هَذَا الْعَدَدَ هُوَ الْمَطْلُوبُ عَلَى اخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْحَدِيثَ دَلِيلٌ لِلْقَوْلِ الثَّانِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute