الْقَلْبِ لَهَا قَالَ الطِّيبِيُّ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ " الْحَمْدُ لِلَّهِ " مِنْ بَابِ التَّلْمِيحِ وَالْإِشَارَةِ إِلَى قَوْلِهِ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ - صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: ٦ - ٧] أَيْ: دُعَاءٌ أَفْضَلُ وَأَكْمَلُ وَأَجْمَعُ مِنْ ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ هَذِهِ اللَّفْظَةُ وَعَلَى هَذَا فَقِيلَ: إِطْلَاقُ الدُّعَاءِ عَلَيْهِ مِنْ بَابِ الْمَجَازِ، وَلَعَلَّهُ أَفْضَلُ الدُّعَاءِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ سُؤَالٌ لَطِيفٌ يَدُقُّ مَسْلَكُهُ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ أُمِّيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ حِينَ خَرَجَ إِلَى بَعْضُ الْمُلُوكِ يَطْلُبُ نَائِلَهُ:
إِذَا أَثْنَى عَلَيْكَ الْمَرْءُ يَوْمًا ... كَفَاهُ عَنْ تَعَرُّضِهِ الثَّنَاءُ
وَقِيلَ: إِنَّمَا جُعِلَ دُعَاءً لِأَنَّ الدُّعَاءَ عِبَارَةٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَأَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ حَاجَتَهُ وَالْحَدِيثُ يَشْمَلُهَا فَإِنَّ مَنْ حَمِدَ اللَّهَ، إِنَّمَا يَحْمَدُ عَلَى نِعْمَتِهِ وَالْحَمْدُ عَلَى النِّعْمَةِ طَلَبُ مَزِيدٍ قَالَ تَعَالَى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: ٧] قُلْتُ فِي قَوْلِهِ: إِنَّمَا يَحْمَدُهُ عَلَى نِعْمَتِهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِمَنْ يَنْظُرُ فِيمَا ذَكَرُوا فِي تَحَقُّقِ مَعْنَى الْحَمْدِ لِلَّهِ، وَفِي نَوَادِرِ الْأُصُولِ لِلْحَكِيمِ التِّرْمِذِيِّ فِي طَرِيقِ الْجَارُودِ قَالَ كَانَ وَكِيعٌ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ شُكْرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، قَالَ الْحَكِيمُ فَيَا لَهَا مِنْ كَلِمَةٍ لِوَكِيعٍ؛ لِأَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَعْظَمُ النِّعَمِ فَإِذَا حَمِدَ اللَّهَ عَلَيْهَا كَانَ فِي حِكْمَةِ الْحَمْدِ قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُنْضَمَّةٌ مُشْتَمِلٌ عَلَيْهَا الْحَمْدُ لِلَّهِ كَذَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ التِّرْمِذِيِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute