وَالْقَوْلُ بِأَنَّ مَعْصِيَةَ الْفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ مُطْلَقًا مَغْفُورٌ بَعِيدٌ أُجِيبَ بِأَنَّ الْمَرَادَ أَنَّهُمْ فِي النَّارِ لِأَجْلِ اخْتِلَافِ الْعَقَائِدِ، فَمَعْنَى وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ أَنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ النَّارَ لِأَجْلِ اخْتِلَافِ الْعَقَائِدِ، أَوِ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِمْ فِي النَّارِ طُولُ مُكْثِهِمْ فِيهَا وَبِكَوْنِهِمْ فِي الْجَنَّةِ أَنْ لَا يَطُولَ مُكْثُهُمْ فِي النَّارِ وَعَبَّرَ عَنْهُ بِكَوْنِهِمْ فِي الْجَنَّةِ تَرْغِيبًا فِي تَصْحِيحِ الْعَقَائِدِ وَأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ لَا يُعْفَى عَنِ الْبِدْعَةِ الِاعْتِقَادِيَّةِ كَمَا لَا يُعْفَى عَنِ الشِّرْكِ إِذْ لَوْ تَحَقَّقَ الْعَفْوُ عَنِ الْبِدْعَةِ، فَإِنْ قِيلَ: لَا يَلْزَمُ دُخُولُ كُلِّ الْفِرْقَةِ الْمُبْتَدِعَةِ فِي النَّارِ فَضْلًا عَنْ طُولِ مُكْثِهِمْ إِذْ هُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨] أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمْ يَتَعَرَّضُونَ لِمَا يُدْخِلُهُمُ النَّارَ مِنَ الْعَقَائِدِ الرَّدِيئَةِ وَيَسْتَحِقُّونَ ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْغَالِبَ فِي تِلْكَ الْفِرَقِ دُخُولُ النَّارِ فَيَنْدَفِعُ الْإِشْكَالِ مِنْ أَصْلِهِ قَوْلُهُ: (قَالَ الْجَمَاعَةُ) أَيِ: الْمُوَافِقُونَ لِجَمَاعَةِ الصَّحَابَةِ الْآخِذُونَ بِعَقَائِدِهِمُ الْمُتَمَسِّكُونَ بِرَأْيِهِمْ، وَفِي الزَّوَائِدِ إِسْنَادُ حَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ فِيهِ مَقَالٌ وَرَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٌ صَدُوقٌ وَعَبَّادُ بْنُ يُوسُفَ لَمْ يُخَرِّجْ لَهُ أَحَدٌ سِوَى ابْنُ مَاجَهْ وَلَيْسَ لَهُ عِنْدَهُ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ ابْنُ هَدْيٍ رَوَى أَحَادِيثَ تَفَرَّدَ بِهَا وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَبَاقِي رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute