٤١٢٦ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي الْمُبَارَكِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ «أَحِبُّوا الْمَسَاكِينَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ»
ــ
قَوْلُهُ: (اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا. . . إِلَخْ) قَالَ الْقَاضِي تَاجُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ سَمِعْتُ الْإِمَامَ الْوَالِدَ يَقُولُ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقِيرًا مِنَ الْمَالِ قَطُّ وَلَا كَانَتْ حَالُهُ حَالَ فَقِيرٍ كَانَ أَغْنَى النَّاسِ بِاللَّهِ قَدْ كَفَى اللَّهُ دُنْيَاهُ فِي نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَكَانَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: «اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا» إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ اسْتِكَانَةُ الْقَلْبِ لَا الْمَسْكَنَةُ الَّتِي هِيَ نَوْعٌ مِنَ الْفَقْرِ وَكَانَ يُشَدِّدُ النَّكِيرَ عَلَى مَنْ يَعْتَقِدُ خِلَافَ ذَلِكَ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ: الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ حَالُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ وَفَاتِهِ أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلِ الْمَسْكَنَةَ الَّتِي يَرْجِعُ مَعْنَاهَا إِلَى الْقِلَّةِ فَقَدْ مَاتَ مَكْفِيًّا بِمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا سَأَلَ الْمَسْكَنَةَ الَّتِي يَرْجِعُ مَعْنَاهَا إِلَى الْإِخْبَاتِ وَالتَّوَاضُعِ وَكَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ لَا يَجْعَلَهُ مِنَ الْجَبَّارِينَ وَالْمُتَكَبِّرِينَ وَأَنْ لَا يَحْشُرَهُ فِي زُمْرَةِ الْأَغْنِيَاءِ الْمُتَرَفِّهِينَ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ الْمَسْكَنَةُ حَرْفٌ مَأْخُوذٌ مِنَ السُّكُونِ يُقَالُ تَمَسْكَنَ، أَيْ: تَخَشَّعَ وَتَوَاضَعَ، وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: أَسْرَفَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْمَوْضُوعَاتِ وَكَأَنَّهُ أَقْدَمَ عَلَيْهِ لِمَا رَآهُ مُبَايِنًا لِلْحَالِ الَّتِي مَاتَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَكْفِيًّا، ثُمَّ نَقَلَ فِي تَوْجِيهِ الْحَدِيثَ عَنِ الْبَيْهَقِيِّ مَا تَقَدَّمَ. قُلْتُ: الَّذِي يَتَتَبَّعُ أَحَادِيثَ مَعِيشَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْبُخَارِيِّ وَالشَّمَائِلِ وَجَامِعِ التِّرْمِذِيِّ وَسُنَنِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهَا كَحَدِيثِ عُمَرَ فِي دُخُولِهِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَشْرَبَةِ حِينَ اشْتُهِرَ أَنَّهُ طَلَّقَ الْأَزْوَاجَ لَا يَسْتَبْعِدُ حَمْلَ الْحَدِيثِ عَلَى ظَاهِرِهِ كَيْفَ وَقَدْ حَمَلَهُ الرَّاوِي أَبُو سَعِيدٍ عَلَى ظَاهِرِهِ وَالْعَجَبُ مِنْ قَوْلِهِمْ إِنَّ الْحَدِيثَ يُنَافِي حَالَ الْمَوْتِ وَقَدْ جَاءَ وَصَحَّ «أَنَّهُ مَاتَ وَدِرْعُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute