٤٢٥٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَإِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ قَالَ قَالَ الزُّهْرِيُّ أَلَا أُحَدِّثُكَ بِحَدِيثَيْنِ عَجِيبَيْنِ أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَسْرَفَ رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهِ فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَوْصَى بَنِيهِ فَقَالَ إِذَا أَنَا مِتُّ فَأَحْرِقُونِي ثُمَّ اسْحَقُونِي ثُمَّ ذَرُّونِي فِي الرِّيحِ فِي الْبَحْرِ فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي لَيُعَذِّبُنِي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ أَحَدًا قَالَ فَفَعَلُوا بِهِ ذَلِكَ فَقَالَ لِلْأَرْضِ أَدِّي مَا أَخَذْتِ فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ فَقَالَ لَهُ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ قَالَ خَشْيَتُكَ أَوْ مَخَافَتُكَ يَا رَبِّ فَغَفَرَ لَهُ لِذَلِكَ»
ــ
قَوْلُهُ: (ثُمَّ اسْحَقُونِي) أَيْ: دُقُّونِي وَاطْحَنُونِي (ثُمَّ ذَرُّونِي) مِنْ ذَرَاهُ، أَيْ: أَطَارَهُ فِي الرِّيحِ فِي الْبَحْرِ الْأَجْزَاءَ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ هُنَاكَ سَبِيلٌ إِلَى جَمْعِهَا فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ رَأَى أَنَّ جَمْعَهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مُسْتَحِيلًا وَالْقُدْرَةُ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْمُسْتَحِيلِ فَلِذَلِكَ قَالَ «فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي» فَلَا يَلْزَمُ أَنَّهُ نَفَى الْقُدْرَةَ فَصَارَ بِذَلِكَ كَافِرًا فَكَيْفَ يَغْفِرُ لَهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مَا نَفَى الْقُدْرَةَ عَلَى مُمْكِنٍ، وَإِنَّمَا فَرَضَ غَيْرَ الْمُسْتَحِيلِ مُسْتَحِيلًا فِيمَا لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ إِنَّهُ مُمْكِنٌ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَالْكُفْرُ هُوَ الْأَوَّلُ لَا الثَّانِي وَيُحْتَمَلُ أَنَّ شِدَّةَ الْخَوْفِ طَيَّرَتْ عَقْلَهُ فَلَا الْتَفَتَ إِلَى مَا يَقُولُ وَمَا يَفْعَلُ وَأَنَّهُ هَلْ يَنْفَعُهُ أَمْ لَا كَمَا هُوَ الْمُشَاهَدُ فِي الْوَاقِعِ فِي مَهْلَكَةٍ فَإِنَّهُ قَدْ يَتَمَسَّكُ بِأَدْنَى شَيْءٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَعَلَّهُ يَنْفَعُهُ إِذْ هُوَ فِيمَا قَالَ وَفَعَلَ فِي حُكْمِ الْمَجْنُونِ، وَأَجَابَ بَعْضٌ بِأَنَّ هَذَا رَجُلٌ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ، وَهَذَا بَعِيدٌ، وَقَالَ السُّيُوطِيُّ: مَعْنَى «لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي،» أَيْ: ضَيَّقَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبياء: ٨٧] أَيْ: نُضَيِّقَ اهـ، وَهَذَا مَعْنًى غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِلسَّوْقِ أَصْلًا (أَدِّ) أَمْرٌ مِنَ الْأَدَاءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute