طَائِرًا كَتَمَثُّلِ الْمَلَكِ بَشَرًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الرُّوحَ يَدْخُلُ فِي بَدَنِ طَائِرٍ كَمَا فِي رِوَايَاتٍ قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ أَبِي دَاوُدَ: إِذَا فَسَّرْنَا الْحَدِيثَ بِأَنَّ الرُّوحَ يَتَشَكَّلُ طَيْرًا فَالْأَشْبَهُ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْقُدْرَةِ عَلَى الطَّيَرَانِ فَقَطْ لَا فِي صُورَةِ الْخِلْقَةِ؛ لِأَنَّ شَكْلَ الْإِنْسَانِ أَفْضَلُ الْأَشْكَالِ اهـ. قُلْتُ: هَذَا إِذَا كَانَ الرُّوحُ الْإِنْسَانِيُّ لَهُ شَكْلٌ فِي نَفْسِهِ وَيَكُونُ عَلَى شَكْلِ الْإِنْسَانِ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ فِي نَفْسِهِ لَا شَكْلَ لَهُ، بَلْ يَكُونُ مُجَرَّدًا، أَوْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَتَشَكَّلَ ذَلِكَ الْمُجَرَّدُ لِحِكْمَةٍ مَا فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَتَشَكَّلَ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ عَلَى شَكْلِ الطَّائِرِ، وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَقَدْ أَوْرَدَ الشَّيْخُ عَلَمُ الدِّينِ الْقَرَافِيُّ أَنَّهُ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَحْصُلَ لِلطَّيْرِ الْحَيَاةُ بِتِلْكَ الْأَرْوَاحِ أَوَّلًا وَالْأَوَّلُ عَيْنُ مَا تَقُولُهُ التَّنَاسُخِيَّةُ وَالثَّانِي مُجَرَّدُ حَبْسٍ لِلْأَرْوَاحِ وَتَسَجُّنٍ، وَأَجَابَ السُّبْكِيُّ بِاخْتِيَارِ الثَّانِي وَمَنَعَ كَوْنَهُ حَبْسًا وَتَسَجُّنًا لِجَوَازِ أَنْ يُقَدِّرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي تَلْكَ الْأَجْوَافِ مِنَ السُّرُورِ وَالنَّعِيمِ مَا تَجِدُهُ فِي الْفَضَاءِ الْوَاسِعِ اهـ. وَلِهَذَا الْكَلَامِ بَسْطٌ ذَكَرْتُهُ فِي حَاشِيَةِ أَبِي دَاوُدَ قَوْلُهُ: (يَعْلُقُ) بِضَمِّ اللَّامِ وَبِالتَّخْفِيفِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute