٤٣٠٨ - حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى وَأَبُو إِسْحَقَ الْهَرَوِيُّ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَاتِمٍ قَالَا حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ وَأَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ وَلَا فَخْرَ وَلِوَاءُ الْحَمْدِ بِيَدِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ»
ــ
قَوْلُهُ: (أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ) قَالَ ذَلِكَ إِمَّا لِأَنَّهُ أُوحِيَ إِلَيْهِ أَنْ يَقُولَ لِيُعَرِّفَ الْأُمَّةَ أَوْ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ التَّحَدُّثَ بِالنِّعْمَةِ فَلَا يُنَافِي حَدِيثَ «لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ» أَيْ: أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَاكَ افْتِخَارٌ وَنَحْوُهُ وَقَدْ نَفَى تَوَهُّمَ الِافْتِخَارِ بِقَوْلِهِ وَلَا فَخْرَ مَعْنَاهُ، أَيْ: لَا يَنْبَغِي الِافْتِخَارُ وَلَا فَخْرَ مِنِّي بِذَا الْقَوْلِ وَالْفَخْرُ التَّعْظِيمُ وَالْمُبَاهَاةُ، أَيْ: هَذِهِ النِّعْمَةُ كَرَامَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى مَا بَلَغْتُهَا بِقُوَّتِي حَتَّى أَفْتَخِرَ بِهَا قَوْلُهُ: (وَلِوَاءُ الْحَمْدِ بِيَدِي) قِيلَ: اللِّوَاءُ الرَّايَةُ وَلَا يُمْسِكُهَا إِلَّا صَاحِبُ الْجَيْشِ يُرِيدُ بِهِ انْفِرَادَهُ بِالْحَمْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشُهْرَتَهُ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ وَالْعَرَبُ تَضَعُ اللِّوَاءَ مَوْضِعَ الشُّهْرَةِ فَاللِّوَاءُ مَجَازٌ عَنِ الشُّهْرَةِ وَالِانْفِرَادِ، وَقِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِحَمْدِهِ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَقِيقَةً يُسَمَّى الْحَمْدُ، وَعَلَى هَذَا قَوْلُ مَنْ قَالَ لَا مَقَامَ مِنْ مَقَامَاتِ الصَّالِحِينَ أَعْلَى وَأَرْفَعَ مِنْ مَقَامِ الْحَمْدِ وَدُونَهُ تَنْتَهِي سَائِرُ الْمَقَامَاتِ، وَلَمَّا كَانَ نَبِيُّنَا سَيِّدَ الْمُرْسَلِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَأَحْمَدَ الْخَلَائِقِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ أُعْطِيَ لِوَاءَ الْحَمْدِ لِيَأْوِيَ إِلَى لِوَائِهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «آدَمُ وَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِي» وَلِهَذَا الْمَعْنَى افْتُتِحَ كِتَابُهُ الْعَزِيزُ الْمُنَزَّلُ إِلَيْهِ بِالْحَمْدِ وَاشْتُقَّ اسْمُهُ مِنَ الْحَمْدِ فَقَالَ مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ وَأُقِيمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ وَيُفْتَحُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ مِنَ الْمَحَامِدِ مَا لَمْ يُفْتَحْ عَلَى أَحَدٍ قَبْلَهُ وَلَا يُفْتَحُ عَلَى أَحَدٍ بَعْدَهُ وَأَمَدَّ أُمَّتَهُ بِبَرَكَتِهِ مِنَ الْفَضْلِ الَّذِي أَتَاهُ فَنَعَتَ أُمَّتَهُ فِي الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ قَبْلَهُ بِهَذَا النَّعْتِ فَقَالَ أُمَّتُهُ الْحَامِدُونَ يَحْمَدُونَ اللَّهَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ أُولَى وَأُخْرَى قَوْلُهُ: (وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ) هَذَا لَا يُنَافِي مَا جَاءَ فِي مُوسَى أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنَ الصَّعْقِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute