للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنَ الْإِرَاءِ فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بَعْدَ أَنْ تَحَقَّقَ عِنْدَهُ بِرُؤْيَتِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الشِّعْرُ الْآتِي عَلَيْهِ قَوْلُهُ (إِنَّ صَاحِبَكُمْ قَدْ رَأَى رُؤْيَا فَاخْرُجْ) فِيهِ أَنَّهُ كَيْفَ أَثْبَتَ الْأَذَانَ بِرُؤْيَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ مَعَ أَنَّ رُؤْيَا غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَنْبَنِي عَلَيْهَا الْأَحْكَامُ أُجِيبُ بِأَنَّهُ جَاءَ فِي أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إِنَّهَا رُؤْيَا حَقٌّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا عَمِلَ بِرُؤْيَا رَجُلٍ إِلَّا بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ أَنَّهَا حَقٌّ إِمَّا بِوَحْيٍ أَوْ إِلْهَامٍ أَوْ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ رَأَى نَظْمًا يَبْعُدُ فِيهِ مَدَاخِلُ الشَّيْطَانِ أَوْ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ ذَكَرَ نِدَاءَ النَّاسِ لِلصَّلَاةِ وَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي نَفْسِهِ لَا يُتَوَقَّعُ عَلَيْهِ تَرَتُّبُ خَلَلٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ بِنَاءَ الْأَحْكَامِ عَلَى رُؤْيَا غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ بَعْدَ مَعْرِفَةِ نَبِيٍّ أَنَّهَا حَقٌّ مِمَّا لَا رَيْبَ فِيهِ وَالثَّابِتُ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ هُوَ هَذَا لَا بِنَاءُ الْأَحْكَامِ عَلَى مُجَرَّدِ الرُّؤْيَا فَلَا إِشْكَالَ، وَقَوْلُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَا يُفِيدُ الشَّكَّ فِي كَوْنِهَا حَقًّا عِنْدَهُ بَلْ قَدْ يَكُونُ لِلتَّبَرُّكِ وَغَيْرُهُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، ثُمَّ هَذَا الْإِشْكَالُ وَالْحَاجَةُ إِلَى الْجَوَابِ إِنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ إِلَى الِابْتِدَاءِ وَأَمَّا بِالنَّظَرِ إِلَى الْبَقَاءِ فَالتَّقْرِيرُ يَكْفِي ضَرُورَةً أَنَّهُ لَا يُقَرِّرُ عَلَى الْخَطَأِ وَقَدْ قَرَّرَ عَلَى الْأَذَانِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَوْلُهُ (وَلْيُنَادِ بِلَالٌ) بِحَذْفِ الْيَاءِ لِأَنَّهُ مَجْزُومٌ بِلَامِ الْأَمْرِ قَوْلُهُ (فَإِنَّهُ أَنْدَى) أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ مِنَ النِّدَاءِ أَيْ أَرَفَعُ وَقَوْلُهُ حَمْدًا عَلَى الْأَذَانِ أَيْ عَلَى إِرَادَتِهِ إِيَّايَ أَوْ عَلَى شَرْعِهِ فَأَكْرِمْ بِهِ بِالْجَزْمِ صِيغَةُ تَعَجُّبٍ مِثْلُ أَحْسِنْ وَإِلَيَّ بِهِنَّ تَتَابُعٌ فِيهِنَّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ رَأَى ثَلَاثَ لَيَالٍ مُتَوَالِيَةٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>