التخيير (لا يثبت) الأولى لم يثبت، (ولو ثبت) أي فرضا (لما جاز أن يظنّ) بصيغة المجهول أي يظن أحد (أنّ النّبيّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَكَمَ بِمَا لَا نَصَّ فِيهِ وَلَا دَلِيلَ مِنْ نَصٍّ وَلَا جُعِلَ الْأَمْرُ فِيهِ إِلَيْهِ وَقَدْ نَزَّهَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ ذلك) وكأنه خالف جمهور العلماء الأعلام فيما قرروا أن له عليه الصلاة والسلام أن يجتهد في الأحكام بل وقد فوض إليه كثير من أحكام الإسلام أو المعنى أنه عليه الصلاة والسلام ما جعل له فعل ذلك من تلقاء نفسه مستبدا برأيه من غير تأويل في أمره؛ (وقال القاضي بكر بن العلاء) أي المالكي (أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أنّ تأويله) أي ما اختاره من الأشياء (وَافَقَ مَا كَتَبَهُ لَهُ مِنْ إِحْلَالِ الْغَنَائِمِ والفداء وقد كان) أي وقع (قبل هذا فادوا) فعل ماض من المفاداة أي فدا بعض أصحابه (فِي سَرِيَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ الَّتِي قتل فيها ابن الحضرميّ) أخوه العلاء من أكابر الصحابة (بالحكم بن كيسان) بفتح الكاف وسكون التحتية فمهملة مولى هشام بن المغيرة المخزومي (وصاحبه) وهو عثمان بن عبد الله أسر ومات كافرا (فما عتب الله ذلك عليهم) اعلم أن عبد الله بن جحش بفتح الجيم وسكون الحاء المهملة فشين معجمة هو ابن عمة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بعثه عليه الصلاة والسلام في جمادى الآخرة في السنة الثانية من الهجرة قبل بدر بشهر ليترصد عير قريش وبعث معه ثمانية رهط من المهاجرين ليس فيهم من الأنصار أحد وهم سعد بن أبي وقاص وعكاشة بن محصن وعتبة بن غزوان وأبو حذيفة بن عتبة وسهيل ابن بيضاء وعامر بن ربيعة وواقد بن عبد الله وخالد بن بكير وقيل إن هذه السرية كانت أكثر من ذلك قال ابن سعد بعث عبد الله بن جحش في اثني عشر رجلا من المهاجرين انتهى وفي هذه السرية سمي عبد الله بن جحش أمير المؤمنين فساروا على بركة الله حتى نزلوا بطن نخلة بين مكة والطائف فمرت عير لقريش تحمل تجارة من الطائف فيها عمرو بن عبد الله الحضرمي والحكم بن كيسان وعثمان بن عبد الله ونوفل بن عبد الله فرمى واقد بن عبد الله عمر بن الحضرمي فقتله فكان أول قتيل من المشركين واستأسروا الحكم وعثمان وكانا أول أسيرين في الإسلام وأفلت نوفل فأعجزهم فاستاقوا العير والأسيرين حتى قدموا على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فأسلم الحكم بن كيسان وأقام بالمدينة وحسن إسلامه فقتل يوم بئر معونة وصاحبه عثمان بن عبد الله رجع إلى مكة ومات بها كافرا كذا ذكره التلمساني وليس فيه ما يدل على فداء على أنه لو ثبت فهذا فداء كافر بمسلم وما نحن فيه فداء كافر بمال فلا يستويان في مآل ثم رأيته ذكر في محل آخر أن الحكم بن كيسان كان ممن أسر في سراية عبد الله بن جحش حين قتل واقد اليميمي عمرا بن الحضرمي أسره المقداد قال فأراد أميرنا ضرب عنقه فقلت له دعه نقدم به على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقدمنا به على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فأسلم وحسن إسلامه انتهى وهذا كما ترى ليس فيه ذكر فداء لا بمال ولا بغيره وإنما هو تأخير أمره إلى حكم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في حقه وقد صرح