للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحجازي بأن الباء في بالحكم تتعلق بفادوا لا بقتل فإن الحكم أسلم وصاحبه لحق بمكة ومات بها كافرا والله سبحانه وتعالى اعلم (وذلك قبل بدر بأزيد من عام) بل كانا في سنة واحدة فإن تلك في رجب في السنة الثانية وبدر في رمضان فيكون قبل بدر بشهر (فَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِعْلَ النَّبِيِّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَأْنِ الْأَسْرَى كَانَ عَلَى تأويل وبصيرة) أي اجتهاد صادر عن فكرة (وعلى ما تقدّم قبل) مبني على الضم وقوله (مثله) مرفوع فاعل تقدم (فَلَمْ يُنْكِرْهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ لَكِنَّ اللَّهَ تعالى أراد لعظم أمر بدر) ويروى لعظيم أمر بدر (وكثرة أسراها) أي أسراها) (والله أعلم) جملة معترضة بين الفعل ومفعوله أعني (إظهار نعمته وتأكيد منّته بتعريفهم) ويروى بتعريف (مَا كَتَبَهُ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مِنْ حِلِّ ذلك لهم لا على وجه عتاب) فضلا عن طريق عقاب (وإنكار وتذنيب) أي نسبة إلى ذنب، (هذا معنى كلامه) أي كلام بكر بن العلاء وتمام مرامه؛ (وأمّا قوله عَبَسَ) أي بوجهه (وَتَوَلَّى [عبس: ١] ) أعرض بخده (الآيات) كما قدمناها (فليس فيه إثبات ذنب له عليه الصلاة والسلام) أي يستحق به الملام (بل إعلام الله تعالى) أي له في ذلك المقام (أنّ ذلك المتصدّي له) بصيغة المجهول أي المتعرض له بالتوجه والإقبال (ممّن لا يتزكّى) أي لا يتطهر من الشرك في الاستقبال وأن الاشتغال به من جملة تضييع الأحوال وهذا معنى قوله وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أي الأعمى أو يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى أن تتعرض وعليك ألا يزكى أي إن لم يؤمن فما عليك ألا البلاغ وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى وَهُوَ يَخْشى أي الله تعالى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى أي تتلهى وتتشاغل عنه وتعرض عن التوجه إليه والإقبال عليه (وأن الصّواب) في هذا الباب (والأولى) بالنسبة إلى حاله الأعلى (كان لو كشف) وفي نسخة ما لو كشف أي بين وظهر (لك) وفي نسخة له (حال الرّجلين) من الأعمى في الظواهر والبصير في السرائر ومن عكسه وهو البصير صورة والأعمى سيرة بل هو الأعمى حقيقة فإنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ومنه قوله تعالى وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ وقوله وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ (لاختار الإقبال على الأعمى) والاعراض عن الآخر من أهل الدنيا إلا أنه عليه الصلاة والسلام لحرصه على إيمان الأنام أدى اجتهاده إلى أن التفاته إليه يكون سببا لإيمانه بما أنزل عليه (وفعل النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم لما فعل) أي هنالك (وتصدّيه) أي تعرضه وإقباله (لذاك الكافر) لكونه من الأكابر وإيمانه باعث لقومه من الأصاغر (كان طاعة لله وتبليغا عنه) في مقام رضاه (واستئلافا له) أي طلب ألفة حين آواه (كما شرعه الله له) فيما قضاه (لا معصية ومخالفة له) في مؤداه (وما قصّه الله عليه) أي حكاه (من ذلك إعلام بحال الرّجلين) أي المؤمن والكافر أو الصالح والفاجر أو الفقير الصابر والغني المكابر مثلا (وتوهين أمر الكافر عنده) أي جنسه وفي نسخة أمر الكافر (والإشارة) الأولى وإشارة (إلى الإعراض عنه بقوله وَما عَلَيْكَ) أي ضرر (أَلَّا يَزَّكَّى) بعد ما بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت

<<  <  ج: ص:  >  >>