وبلغت النصيحة بقدر الطاقة (وقيل أراد) ويروى المراد (بعبس وتولّى) أي بضميره (الْكَافِرَ الَّذِي كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم قاله أبو تمّام) بتشديد الميم الأولى هو علي ابن محمد بن أحمد البصري من أصحاب الأبهري وكان حسن الكلام قيل إن أباه كان نصرانيا له كتاب الحماسة ومجموع سماه فحول الشعراء نشأ بمصر وقيل كان يسقي الماء بالجرة في جامع مصر توفي بالموصل سنة إحدى وثلاثين ومائتين وهذا التأويل مخالف لظاهر التنزيل بل كان في مقام النزاع أن يكون مخالفا للإجماع قال أبو محمد بن عبد السلام في تفسيره الصغير الأعمى عبد الله ابن أم مكتوم وكان ضريرا أتى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يستقرئه ويقول علمني مما علمك الله فجعل يناديه ويكرر النداء وهو لا يعلم تشاغله عنه فكره رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قطعه لكلامه فعبس وأقبل على العباس وأمية وجاآ ليسلما وفي تفسير البغوي أن ابن أم مكتوم أتى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وهو يناجي عتبة بن ربيعة وأبا جهل بن هشام والعباس بن عبد المطلب وأبي بن خلف وأخاه أمية فعلى هذا يكون ال في الكافر للجنس روي أنه عليه الصلاة والسلام كان بعده يكرمه ويقول إذا رآه مرحبا بمن عاتبني فيه ربي ويقول هل لك من حاجة. (وأمّا قصّة آدم عليه الصلاة والسلام) في متفرقات الكلام (وقوله تعالى:
فَأَكَلا) أي آدم وحواء (مِنْها [طه: ١٢١] ) أي الشجرة المنهية (بعد قوله) لهما (وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ) أي جنسها أو عينها (فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ [البقرة: ٣٥] ) أي العاصين فيكون النهي للتحريم أو من الواضعين للأشياء في غير موضعها على أن يكون النهي للتنزيه (وَقَوْلُهُ: أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ [الْأَعْرَافِ: ٢٢] ) وهي شجرة الكرم وقيل السنبلة وقيل شجرة العلم عليها معلوم الله من كل لون وطعم وقيل غير ذلك (وتصريحه تعالى عليه) أصالة وعلى حواء تبعية (بِالْمَعْصِيَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى [طه: ١٢١] أي جهل) مقامه وضل مرامه (وقيل أخطأ) في اجتهاده حيث ظن أن الإشارة إلى الشجرة بعينها والحال أن النهي كان متوجها إلى جنسها أو عرف أولا أن المراد جنسها فنسي فحملها على خصوصها وإنما أولنا هذه التأويلات كلها (فإنّ الله تعالى قد أخبر) وفي نسخة قد أخبرنا (بعذره بقوله: وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ) أي أمرا أو عهدا (مِنْ قَبْلُ) أي قبل خروجه من الجنة أو قبل ظهور الذرية (فَنَسِيَ) أمرنا بالكلية أو محل نهينا في الجملة (وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً [طه: ١١٥] ) على المخالفة أو لم نجد له عزيمة جزما على الموافقة فإنه لما اشتبه عليه الحال من أن النهي عن عين تلك الشجرة أو جنسها كانت العزيمة أن يجتنبها بالكلية ولن يعمل بالرخصة في القضية ولذا قيل إن آدم عليه السلام لم يكن من أولي العزم فقد قال تعالى فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وكذا يونس عليه السلام فقد قال عز وجل فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ (قال ابن زيد) أي ابن اسلم وقد تقدم (نسي عداوة إبليس له) هنالك (وَمَا عَهِدَ اللَّهُ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ