للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكرنا (كلّه) على وجه قررنا (لَيْسَ فِيهِ نَصٌّ عَلَى مَعْصِيَةٍ إِلَّا عَلَى قول مرغوب عنه) لطائفة (وقوله أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ

[الصافات: ١٤٠] ) أي المملوء (قال المفسّرون تباعد) أي عن قومه تباعد المملوك عن مالكه حيث أمر الله تعالى بكونه عندهم وفق أمره وبهذا التقرير لا يضر لو قيل أبق من ربه وسيده لتخلفه عن حكمه بتباعده وفي أبق إيماء بقائه على عبوديته وتحت قضائه وربوبيته، (وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الْأَنْبِيَاءِ: ٨٧] فالظّلم وضع الشيء في غير موضعه) حتى قيل لمن وضع حب غير ربه في صدره وقلبه هو ظالم لنفسه ومنه قول العارف بن الفارض:

عليك بها صرفا وإن شئت مزجها ... فعدلك عن ظلم الحبيب هو الظلم

بل عد الصوفية السنية الغفلة عن الله تعالى وارادة ما سواه ظلما بل شركا وقد قال الله تعالى إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ وقال العارف أيضا:

ولو خطرت لي في سواك ارادة ... على خاطري سهوا حكمت بردتي

(فهذا اعتراف منه) أي من يونس عليه الصلاة والسلام (عند بعضهم بذنبه فإمّا أن يكون) فعله ذنبا (لِخُرُوجِهِ عَنْ قَوْمِهِ بِغَيْرِ إِذْنِ رَبِّهِ أَوْ لضعفه عمّا حمّله) بصيغة المجهول أي كلفه (أو لدعائه بالعذاب على قومه) بعد يأسه من إيمان قومه، (وقد دعا نوح عليه السلام بهلاك قومه فلم يؤاخذ) بذنبه إذ لا يجب على الله تعالى شيء من عفو أو عقوبة وسائر حكمه ويحتمل أن دعاء نوح عليه السلام كان عن اذن من ربه بخلاف يونس عليه الصلاة والسلام في حق قومه وهو الظاهر لعلمه سبحانه وتعالى بإيمان قومه في آخر أمره، (وقال الواسطيّ) من أكابر الصوفية المتقدمين (في معناه) أي معنى قوله سبحانك إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (نزّه ربّه عن الظّلم) إذ لا يتصور منه (وأضاف الظّلم إلى نفسه اعترافا) بقصوره (واستحقاقا) لعفوه (ومثل هذا قول آدم وحوّاء) بالمد فعلاء من الحياة وهي أم بني آدم وسماها آدم حواء حين خلقت من ضلعه فقيل له من هذه فقال امرأة قيل وما اسمها قال حواء قيل ولم ذلك قال لأنها خلقت من حي (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا [الْأَعْرَافِ: ٢٣] ) إِذْ كَانَا السَّبَبُ في وضعهما) أي في وضعه سبحانه وتعالى إياهما (فِي غَيْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي أُنْزِلَا فِيهِ وَإِخْرَاجِهِمَا) أي وكانا السبب في اخراجهما (من الجنّة وإنزالهما إلى الأرض) وهي مكان المحنة والمشقة ودار الكلفة. (وأمّا قصّة داود عليه الصلاة والسّلام فلا تجب أن يلتفت) الاولى فيجب أن لا يلتفت (إلى ما سطّره) بتشديد الطاء وتخفف أي كتبه (فيها) أي القصة وفي نسخة فيه أي في الأمر (الأخباريّون) بفتح الهمزة أي الناقلون (عن أهل الكتاب) أي اليهود والنصارى (الّذين بدّلوا) أي ألفاظ التورية ومبناها (وغيّروا) معناها ومقتضاها (ونقله) عنهم (بعض المفسّرين) اعتمادا على أخبارهم عن أحبارهم وقد ورد أن من العلم جهلا (وَلَمْ يَنُصَّ اللَّهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ولا ورد في حديث صحيح) موافق لما هنالك (والّذي نصّ الله عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما

<<  <  ج: ص:  >  >>