للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير صالح وقد أعلمه) أي الله تعالى (أنّه مغرق الّذين ظلموا) بالإضافة ودونها (ونهاه عن مخاطبته) إياه (فيهم فأوخذ) بصيغة المجهول من المؤاخذة بالهمزة والواو لغتان وقراءتان وفي نسخة فووخذ بواوين بناء على اللغة الأخيرة فهو كقوله تعالى ما وُورِيَ والمعنى فعوقب (بهذا التّأويل) حيث خالف حقيقة التنزيل (وعتب عليه) عطف تفسير وكان الأظهر وعوتب عليه وفي نسخة وعيب بكسر فسكون تحتية والظاهر أنه تصحيف (وأشفق) أي خاف (هو) أي نوح (من إقدامه على ربّه) أي جراءته (لسؤاله) أي لأجله وفي نسخة بسؤاله أي بسببه (ما لم يؤذن له) وفي نسخة ما لم يأذن (في السّؤال فيه) أي في حقه (وَكَانَ نُوحٌ فِيمَا حَكَاهُ النَّقَّاشُ لَا يَعْلَمُ بكفر ابنه) لأنه كان منافقا في أمره وتابعا لأمه في كفره (وقيل في الآية غير هذا) لبعض العلماء في تفسيره (وكلّ هذا لا يقضي) أي لا يحكم (على نوح بمعصية) أي كبيرة (سوى ما ذكرناه من تأويله) للمقال (وإقدامه بالسّؤال فيمن لم) وفي نسخة فِيمَا لَمْ (يُؤْذَنْ لَهُ فِيهِ وَلَا نُهِيَ عنه؛ وما روي في الصّحيح) أي صحيح الأحاديث مما رواه الشيخان وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة (من أنّ نبيّا قرصته نملة) أي عضته (فحرّق) بتشديد الراء أي فأحرق (قرية النّمل) أي بيتها وجحرها (فأوحى الله تعالى إليه أن) بفتح الهمزة وسكون النون أي لأن (قرصتك نملة) أي واحدة كما في نسخة (أحرقت أمّة من الأمم تسبّح) وذلك لقوله تعالى وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ وقوله وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وقال الزكي المنذري إن هذا النبي جاء من غير وجه أنه عزير انتهى ولا شك أن المبهمين في الأحاديث لا يعرفون إلا من حديث آخر مصرح بتسمية الشخص منهم ويشكل هذا بما في أبي داود مرفوعا لا أدري أعزير نبي أم لا وصححه الحاكم في مستدركه من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه والجواب لعل الله أطلعه على أنه نبي بعد ذلك فأخبره وفي كلام الطبري أن هذا النبي هو موسى عليه الصلاة والسلام ونقله عن الحكيم الترمذي وعن ابن عباس قال نهى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم عن قتل أربع من الدواب النملة والنحلة والهدهد والصرد رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والصرد بضم الصاد المهملة وفتح الراء طائر معروف ضخم الرأس والمنقار له ريش عظيم نصفه أسود ونصفه أبيض قال الخطابي أما نهيه عن قتل النحلة فلما فيها من المنفعة وأما الهدهد والصرد فإنما نهى عن قتلهما لتحريم لحمهما وذلك أن الحيوان إذا نهي عن قتله ولم يكن ذلك لحرمة ولا لمضرة كان ذلك لتحريم لحمه انتهى ولعل النهي عن قتل النمل محمول على حال عدم الأذية أو المضرة فالمعاتبة على النبي من حيث قتله سائر النمل من غير حصول العلة والله تعالى اعلم بالحقيقة ثم النمل جنس منفرده النملة ويستوي مذكرها ومؤنثها كالحمامة ونحوها وإنما استدل إمامنا الأعظم على أن نملة سليمان عليه الصلاة والسلام كانت أنثى بدليل قوله تعالى قالت لأنها لو كانت ذكرا لقيل قال لا سيما والفعل مقدم والتأنيث غير حقيقي وقد وهم التلمساني ولم يتحقق كلام الإمام

<<  <  ج: ص:  >  >>