للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما ورد عنه عليه الصلاة والسلام بعثت لأتمم مكارم الأخلاق (فمن أورد شيئا منها مورده) أي ذكره في محله اللائق به (وقصد به مقصده) من تعظيم قدره وتبجيل أمره (كان حسنا) أي مستحسنا عند الله وخلقه (ومن أورد ذلك على غير وجهه) بتساهل في حقه (وقد علم منه) أي من إيراده ذلك (سوء قصده) من تنقص به (لحق بالفصول) الستة (التي قدّمناها) فيقتل أو يعزل أو يحبس كما قدرناها (وكذلك ما ورد من أخباره) من أفعاله وأقواله وأثاره (وأخبار سائر الأنبياء عليهم السّلام في أحاديث) وفي نسخة في الأحاديث (ممّا في ظاهره إشكال) كحديث لم يكذب إبراهيم إلا إلى ثلاث كذبات (يقتضي أمورا لا تليق بهم بحال) من أحوالهم (وتحتاج إلى تأويل) يصرفها إلى تحسين مقالهم (وتردّد احتمال) من نقصان في جمال كمالهم (فلا يجب) أي فلا ينبغي (أن يتحدّث منها) بل يجب أن يسكت عنها ولا يؤتى بشيء منها (إلّا بالصّحيح) الثابت فيها (ولا يروى منها إلّا المعلوم) في الرواية (الثّابت) في الدراية (وَرَحِمَ اللَّهُ مَالِكًا فَلَقَدْ كَرِهَ التَّحَدُّثَ بِمِثْلِ ذلك من الأحاديث الموهمة للتّشبيه) المحتاجة إلى التأويل المقتضي للتنزيه (والمشكلة المعنى) المبنية على استعارة في المبنى كحديث البخاري وغيره ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول هل من داع فاستجيب له هل من سائل فأعطيه هل من مستغفر فاغفر له فإن نزوله سبحانه وتعالى كناية عن تنزيلات رحمته وموجبات إجابة دعوته وأسباب مغفرته أو يقال إنه سبحانه وتعالى له نزول يليق بشأنه مع اعتقاد التنزيه له عن انتقال وتغير ووجود مكان وزمان في ذاته وكذا الحكم في الآيات المتشابهات وسائر الأحاديث المشكلات فللسلف والخلف مذهبان فالمتقدمون على التسليم والتوكيل ومنهم أبو حنيفة ومالك وأحمد بن حنبل والمتأخرون على التأويل والكل قائلون بالتنزيه ومانعون عن التشبيه وبالغ الإمام مالك حتى منع السؤال عن ذلك كما صرح به في قوله المجيب عن سؤاله الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة (وقال) أي مالك (ما يدعو النّاس) أي أي شيء يلجئ العامة ويسوقهم (إلى التّحدّث بمثل هذا) كحديث خلق الله آدم على صورته وكحديث إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصقن قبل وجهه فإن الله بينه وبين القبلة (فقيل له إنّ ابن عجلان) بفتح أوله (يحدّث بها فقال لم يكن) ابن عجلان (من الفقهاء) مع أنه كان شيخ مالك ومن أعلام التابعين بالمدينة وروي عن أبيه وأنس بن مالك وغيرهما وعنه شعبة ويحيى بن سعيد القطان ونحوهما وثقه أحمد وابن معين وقال غيرهما سيىء الحفظ روي أنه حملت به أمه ثلاثة أعوام فشق بطنها لما ماتت فأخرج وقد نبتت أسنانه وفي الميزان للذهبي قال عبد الرحمن بن القاسم قيل لمالك إن ناسا من أهل العلم يحدثون قال من هم فقيل له ابن عجلان فقال لم يكن ابن عجلان يعرف هذه الأشياء ولم يكن عالما قال الذهبي قلت قال مالك هذا لما بلغه أن ابن عجلان حدث بحديث خلق الله آدم على صورته ولابن عجلان فيه متابعون وخرج في الصحيح انتهى فمعناه لم يكن يفقه ما ينشأ عن هذا من الفساد للعباد والخوض في

<<  <  ج: ص:  >  >>