مما قالوا في وجه التسمية إن الديوان بالفارسية اسم للشياطين فسمي الكتاب من الحساب باسمهم لحذقهم بالأمور ووقوفهم على الحلبي والخفي وجمعهم لما شذ وتفرق وقد يسمى مكانهم باسمهم وأول من وضعه في الإسلام عمر رضي الله تعالى عنه لحفظ ما يتعلق بالناس والمراد هنا الكتب المؤلفة من الجوامع والمسانيد وأمثال ذلك (وجمعت في ألفاظها ومعانيها الكتب) أي في بيان غرائبها وجمعت بصيغة المجهول وكان الأولى أن يقال وجمعوا في مبانيها ومعانيها الكتب؛ (ومنها) أي ومن جوامع كلمه وحكمه (ما لا يوازى) بهمز أبدل واوا من آزيته بمعنى حاذيته وهو بإزائه أي بحذائه ولا تقل وأزيته على ما في الصحاح وهو بصيغة المجهول أي لا يماثل ولا يقابل (فصاحة) تمييز للنسبة أي من جهة الفصاحة (ولا يبارى) أي ولا يعارض ولا يساوى (بلاغة كقوله) على ما رواه أبو داود والنسائي: (المسلمون تتكافأ) بالهمز في آخره وفي نسخة بحذف إحدى التاءين أي تتماثل وتتساوى (دماؤهم) أي في العصمة والحرمة خلاف ما في الجاهلية فكل مسلم شريفا أو وضيعا كبيرا أو صغيرا حرا أو عبدا في ذلك سواء أو في القصاص والدية فيقاد الشريف بالوضيع والكبير بالصغير والعالم بالجاهل والذكر بالأنثى وكذا حكم الدية إلا أنه يخص منه العبد إذ لا يكافىء حرا في بعض الصور على خلاف في المسألة (ويسعى بذمّتهم) أي بعهدهم وأمانهم (أدناهم) أي أقلهم منزلة كعبد وامرأة فإنه إذا أعطى أحدهما أمانا لأحد أو لجيش فليس لأحد منا إخفاره أي نقض أمانه لحديث البخاري ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ولحديث الترمذي أن المرأة لتأخذ على القوم أي تجير على المسلمين ولحديث أبي داود إن كانت المرأة لتجير على المؤمنين ومنه حديث ذمة المسلمين واحدة (وهم) أي المسلمون (يد) أي قوة (على من سواهم) أو جماعة يتعاونون على أعدائهم من أهل الملل لا يخذل بعضهم بعضا أو هم مع كثرتهم قد جمعتهم أخوة الإسلام وجعلتهم في وجب الاتفاق بينهم تعاونا وتعاضدا على من آذاهم وعاداهم كيد واحدة فيجب أن ينصر كل أخاه على من آذاه فهو تشبيه بليغ (وقوله) أي كقوله فيما رواه ابن لال في مكارم الأخلاق (النّاس) أي في تساوي إجراء الأحكام عليهم (كأسنان المشط) بضم الميم وتكسر وقد تفتح وتضم أو تكسر وتفتح شينه وهو مثل في التساوي وهو قريب من قوله تتكافأ دماؤهم وقيل في تساوي الاخلاق والطباع وتقاربها ويؤيده ما جاء في رواية أخرى الناس سواسية كأسنان المشط لا فضل لعربي على عجمي ولا فضل لعجمي على عربي وإنما الفضل بالتقوى.
(والمرء) أي كقوله فيما رواه الشيخان المرء (مع من أحبّ) أي في كل موطن خير أو في المحشر أو في الجنة فيه إيماء إلى أن الله يتفضل على من أحب قوما بأن يلحقه بهم في منازلهم وإن لم يكن له مثل أعمالهم وقيل شرطه اتباع عمل محبوبه وإلا فلا فائدة لهذه المحبة والأظهر أنه شرط للكمال وأنه يكفي في إثبات المحبة مجرد التوحيد وثبوت النبوة لما في صحيح مسلم أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم فقال يا رسول الله كيف