ترى رجلا أحب قوما ولما يلحق بهم قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم المرء مع أحب (ولا خير) أي وكقوله فيما رواه ابن عدي في كامله بسند ضعيف المرء على دين خليله وَلَا خَيْرَ (فِي صُحْبَةِ مَنْ لَا يَرَى لك) أي من الحق مثل (ما ترى له) أي مثله اغترارا بماله من كثرة المال وسعة الجاه فيتكبر مع جهله على العلماء والصلحاء والفقراء المتواضعين له وروي يرى بالياء والتاء للفاعل والمفعول على ما ذكره التلمساني والظاهر بناء الفاعل على الخطاب بل هو الصواب هذا وروي لا خَيْرَ فِي صُحْبَةِ مَنْ لَا يَرَى لَكَ مثل ما يرى لنفسه فيؤول معناه إلى حديث لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه. (والنّاس معادن) أي وكقوله على ما رواه الشيخان الناس معادن أي لمكارم الأخلاق كمعادن الذهب والفضة خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا بضم القاف أي مارسوا الفقه وضموا الحسب إلى النسب وجمعوا بين الشرع والطبع في الطلب وحكي بكسر القاف وهو متعين إذا كان الفقه بمعنى الفهم وحاصله أن الناس مختلفون بحسب الطباع كالمعادن وأنهم من الأرض كما أن المعادن منها وفيها الطيب والخبيث فإن منها ما يستعد للذهب الابريز ومنها ما يستعد للفضة ومنها ما يستعد لغير ذلك ومنا ما يحصل منه بكد وتعب كثير شيء يسير ومنها ما هو بعكس ذلك ومنها ما لا يحصل منه شيء أصلا فكذلك بنو آدم منهم من لا يعي ولا يفقه ومنهم من يحصل له علم قليل بسعي طويل ومنهم من أمره عكس ذلك ومنهم من يفاض عليه من حيث لا يحتسب كما هو معلوم في كثير من الأولياء والصالحين والعلماء العاملين وروي معادن في الخير والشر كالذهب والفضة (وما هلك امرؤ عرف قدره) رواه السمعاني في تاريخه بسند فيه مجهول ويقرب منه ما روي عن علي رضي الله عنه ما ضاع امرؤ عرف قدره لأن الضائع بمنزلة الهالك. (والمستشار مؤتمن) أي على ما استشير فيه استظهار برأيه والحديث رواه الأربعة والحاكم والترمذي ايضا في الشمائل في قضية أبي الهيثم وفي بعض الروايات زيد فيه (وهو بالخيار ما لم يتكلّم) وفي رواية احمد وهو بالخيار إن شاء تكلم وإن شاء سكت فإن تكلم فليجتهد رأيه قال الدلجي وهما شاهدا صدق بأن الإشارة به بمجرد الاستشارة غير واجبة انتهى والأظهر أن المراد به أنه إن لم يكن له رأي يسكت وإلا فيتكلم ويظهر رأيه لأن الدين النصيحة وفي الإخفاء نوع من الخيانة المنافية للأمانة وعن عائشة رضي الله تعالى عنها المستشير معان والمستشار مؤتمن وعن علي كرم الله وجهه إذا استشير أحدكم فليشر بما هو صانع لنفسه (ورحم الله عبدا قال خيرا فغنم) أي بقوله الخير (أو سكت) أي عما لا خير فيه (فسلم) أي عن الشر بسكوته رواه أبو الشيخ في الثواب والديلمي ومنهم من فضل السكوت لأنه اسلم للنفس وآمن من سوء العاقبة ومنهم من فضل الكلام لوجود الغنيمة والأولى أن يقال لكل مقام مقال على أن الأظهر هو الأول لقوله عليه الصلاة والسلام من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليسكت. (أسلم) بحذف العاطف وفي نسخة صحيحة وقوله أسلم وهو أمر بالإسلام جوابه (تسلم) بفتح اللام من السلامة وهذا القدر من الحديث متفق