عليه بين الشيخين في كتابه عليه الصلاة والسلام لهرقل ولمسلم زيادة (وأسلم يؤتك الله أجرك مرّتين) وللبخاري في الجهاد اسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين أي إن تسلم يعطك الله أجرك مرتين مرة لإيمانه بعيسى عليه الصلاة والسلام ومرة لإيمانه بمحمد عليه الصلاة والسلام وهذا الحديث مع إيجازه جامع لمراتب الإسلام وما يترتب عليه من أنواع السلامة في الدنيا والآخرة مع المناسبة اللفظية في العبارة الزاخرة (وإنّ أحبّكم) أي وقوله فيما رواه الترمذي أن أحبكم (إليّ) أي في الدنيا والعقبى (وأقربكم منّي مجالس) لعل وجه الجمع اعتبار الأنواع (يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا) جمع أحسن والمراد بالأخلاق الشمائل والأحوال واستدل بهذا الحديث على أن أفعل التفضيل إذا أضيف إلى معرفة جاز أن يطابق موصوفه وأن لا يطابقه لأنه عليه السلام أفرد أحب وأقرب وجمع أحاسن ففيه جمع بين اللغتين وتفنن في العبارتين (الموطّئون) بصيغة المفعول من التوطئة أي المذللون (أكنافا) جمع كنف بكسر وبفتح وهو الجانب أي الذين جوانبهم وطيئة يتمكن منها من يصاحبهم ولا يتأذى منهم مأخوذ من فراش وطيء لا يؤذي جنب النائم والمراد منهم المتواضعون اللينون الهينون كما ورد في أوصاف المؤمنين (الذين يألفون) بفتح اللام (ويؤلفون) بصيغة المجهول أي يألفون الناس والناس يألفونهم وذلك لحسن أخلاقهم وسهولة طباعهم وضياء قلوبهم وصفاء صدورهم وروي في الحديث وأن أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجالس يوم القيامة الثرثارون المتشدقون المتفيهقون وروي أبغضكم إلي المشاؤون بالنميمة المفرقون للأحبة الملتمسون للبرآء العيب. (وقوله) أي وكقوله فيما رواه البيهقي في شعبه أصيب رجل يوم أحد فقالت أمه لتهنئك الشهادة فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ما يدريك (لعلّه كان يتكلّم بما لا يعنيه) بفتح أوله وسكون المهملة وكسر النون أي بما لا يهمه من أمر دنياه وعقباه (ويبخل) لعل الواو بمعنى أو (بما لا يغنيه) . بضم أوله وسكون المعجمة أي من أقوال وأفعال وطلب رياسة وحب محمدة وأمثال ذلك مما يجلب له شرا ولا يذهب عنه ضرا وقد قال الحسن من علامة إعراض الله تعالى عن العبد أن يجعل شغله فيما لا يعنيه وفي رواية للبيهقي كما رواه الترمذي أن رجلا توفي وقالوا أبشر بالجنة فقال فلعله قد تكلم بما لا يعنيه أو بخل بما لا ينقصه قال الترمذي وهذا هو المحفوظ أقول لكن لا يخفى حسن صنعة التجنيس بين يعنيه ويغنيه في الحديث الأول (وقوله) أي وكقوله فيما رواه الشيخان (ذو الوجهين) أي الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه بمعنى أنه يأتي كلا بما يجب من خير أو شر وهذه هي المداهنة المحرمة وقيل هو الذي يظهر لكل طائفة وجها يرضيها به ويوهمها أنه عدو للأخرى ويبدي لها مساويها (لا يكون عند الله وجيها) أي ذا قدر ومنزلة لما يتفرع عليه من الفساد بين العباد بخلاف المصلح بين الناس في البلاد وأصل الوجيه هو المستقبل بالخير والتعظيم وذلك كناية عن المحبة لأن من أحب أحدا يديم النظر إلى وجهه ويستقبله بالتكريم وفي رواية الطبراني عن ابن سعيد ذو الوجهين في الدنيا يأتي يوم القيامة له وجهان من نار. (ونهيه) أي وكنهيه