للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السجود لانه لما نزل قوله سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى قال اجعلوها في سجودكم أي قولوا فيه سبحان ربي الأعلى (ثمّ قرأ آل عمران) أي في ذلك الركعة أيضا أو في أخرى وهو الظاهر لقوله، (ثمّ سورة سورة) أي ثم قرأ في كل ركعة سورة، (يفعل مثل ذلك) أي من تطويل الركوع والسجود والتسبيح المذكور وغير ذلك. (وعن حذيفة مثله) أي مثل حديث عوف كما في مسلم (وقال) أي زيادة على تلك الرواية مع احتمال إطلاعه على غير تلك الحالة (سَجَدَ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ، وَجَلَسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ نحوا منه) أي قريبا من طوله (وقال) أي حذيفة (حَتَّى قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءَ وَالْمَائِدَةَ) أي في ركعة والظاهر في أربع ركعات بتسليمة أو تسليمتين. (وعن عائشة) أي برواية الترمذي (قالت قام رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بآية من القرآن) وهي إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ اقتداء بعيسى عليه الصلاة والسلام في الكلام وإيماء إلى أنه صلى الله تعالى عليه وسلم يريد المغفرة والرحمة ورفع العقوبة عن جميع أمة الإجابة مع التسليم تحت الإرادة وإنما كررها للتدبر في معناها وما يتعلق بمبناها من آثار القدرة وأسرار العزة وأنوار الحكمة (ليلة) أي في ليلة من الليالي وهو يحتمل كلها أو بعضها والأظهر أكثرها وظاهر القيام أن تكرارها كان في الصلاة حال الوقوف وأما ما رواه أحمد والنسائي بسند صحيح عن أبي ذر بلفظ قام حتى أصبح بآية إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فلا يدل على إحياء الليل كله لأنه لم يكن من دأبه فيحتمل أنه قام من الليل أو قام لصلاة التهجد حتى أصبح. (وعن عبد الله بن الشّخير) بكسر شين وخاء مشددة معجمتين صحابي نزل البصرة وأدرك الجاهلية والإسلام فهو مخضرم كما روى أبو داود والترمذي والنسائي عنه (أتيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وهو يصلّي) جملة حالية (ولجوفه) أي صدره (أزيز) بكسر الزاي الأولى أي حنين من البكاء ويراد به هنا الخنين بالخاء المعجمة وهو البكاء مع غنة وانتشاق الصوت من الأنف (كأزيز المرجل) أي كغليانه وهو بكسر ميم وفتح جيم قدر من نحاس على ما في الصحاح وسمي به لأنه إذا نصب كأنه أقيم على رجله. (وقال ابن أبي هالة) وهو هند ربيبه عليه الصلاة والسلام من خديجة (كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم متواصل الأحزان) أي متتابعها لعلمه بشدائد الأحوال وموارد الأهوال حالا ومآلا ولكونه في سجنه سبحانه المقتضي أحزانه وما أحسن قول ابن عطاء:

ما دمت في هذه الدار لا تستغرب وقوع الاكدار وأما ما ورد من قوله أعوذ بك من الحزن فمحمول على حزن يتعلق بالدنيا كما قال سبحانه وتعالى لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا ما أَصابَكُمْ، (دائم الفكرة) أي في عاقبة الأمر (ليست له راحة) لقيامه بما كلف من تحمل أعباء الرسالة ومن وظائف العبادة وقد بسطت تحقيق هذه الأحاديث كلها باعتبار مبناها ومعناها في جمع الوسائل لشرح الشمائل.

<<  <  ج: ص:  >  >>