الْكافِرِينَ وكما قال أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ (يوقّرون فيه) أي في مجلسه خصوصا الكبير أي في السن أو الرتبة بما يجب له من العظمة (ويرحمون الصّغير) أي بمقتضى الشفقة (ويرفدون) بضم الفاء وكسرها وحكي فتحها وفي نسخة من الارفاد أي يعينون ويغيثون (ذا الحاجة) ويعطون صاحب الفاقة وقيل رفد أعطى وارفد اعانه والرفد بالكسر هو العطاء (ويرحمون الغريب) أي لبعده عن بلاده وأصحابه ومفارقة أولاده وأحبابه (ثم قال) أي الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهما (فسألته) أي أبي (عن سيرته صلى الله تعالى عليه وسلم في جلسائه) أي عن طريقته في حقهم حال حضورهم في خدمته (فقال) أي علي (كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم دائم البشر) أي غير مقيد طلاقه وجهه وبشاشة بشرته بوقت دون وقت في حالته، (سهل الخلق) أي لين الطبع مع عموم الخلق، (ليّن الجانب) بتشديد التحتية وتخفف أي في كمال من الرفق، (ليس بفظّ) أي سيىء الخلق (ولا غليظ) أي سيىء القلب (ولا سخّاب) أي صياح وفي رواية ولا سخوب والصاد لغة فيهما وكلاهما للمبالغة إلا أن النفي لأصل المعنى لا للزيادة والأظهر أن الكلمة بوضعها للنسبة كتمار ومنه قوله تعالى وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ وجاء في حديث المنافقين خشب بالليل سخب بالنهار أي إذا جن عليهم الليل سقطوا نياما كالخشب فإذا أصبحوا تساخبوا على الدنيا تهالكا عليها وتمالؤوا إليها وفي رواية في الأسواق فالمراد نفي رفع الصوت بالمخاصمة والمشاجرة على ما هو المعروف في العادة فلا ينافي ما ورد من أنه كان إذا دخل السوق قال لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ له إلى آخره مع غيره مما ثبت من الأدعية في أثره (ولا فحّاش) أي ذي فحش من كلام غليظ (ولا عيّاب) أي على أحد قولا وفعلا مرضيا أو في غيبة أحد أو لمأكول ومشروب كما سبق (ولا مدّاح) أي مبالغ في مدح أحد ويروى بالزاء أي كثير المزح لما ثبت في وصفه من مدحه ومزحه أحيانا وأما ما وقع عند شارح بالراء فتصحيف لمخالفته الأصول وإن قال إنه من المرح وهو الفخر والتجبر (يتغافل عمّا لا يشتهي) أي مما لا يجب على أحد فيه أن ينتهي (ولا يؤيس منه) بالبناء للفاعل أو المفعول من اليأس ضد الرجاء على ما مر له من بيان المعنى (قد ترك نفسه) أي لم يجعل لها حظا (من ثلاث) أي ثلاث خصال بينها بإفادة ابدال مع إعادة من بقوله (في الرّياء) وكذا من السمعة فإنهما من الشرك الأصغر وهذا إنما يبتلى به من لا يعرف الله ممن يلتفت إلى ما سواه ووقع في أصل التلمساني الرياء بدون من فجوز جره على بدل المفصل من المجمل كقوله تعالى حكاية نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ ورفعه على أنه خبر لمحذوف قلت لو صحت هذه الرواية لجاز نصبه بتقدير أعني كما لا يخفى على أرباب الدراية، (والإكثار) أي ومن إكثار القول الممل للحضار أو من إكثار متاع الدنيا لكمال توجهه إلى المولى والدار الآخرة التي هي بالاستكثار أولى وأحرى، (وما لا يعنيه) أي ومما لا يهمه ولا ينفعه ولا يغنيه وكيف لا وفي حديث الترمذي من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه وقد قال سبحانه وتعالى وَالَّذِينَ