للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البعث حين تنشق السماء ويؤيده قوله فأفاق فإنه إنما يقال أفاق من الغشي وبعث من الموت وبه جزم التوربشتي حيث قال وأما الصعقة في الحديث فهي بعد البعث عند نفخة الفزع وأما البعث فلا تقدم لأحد على نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم فيه واختصاص موسى عليه السلام بهذه الفضيلة لا يوجب له تفضيلا على من فاز بسوابق جمة ولواحق عمة (وفيه) أي وفي هذا الحديث (وَلَا أَقُولُ إِنَّ أَحَدًا أَفْضَلَ مِنْ يُونُسَ بن متّى. وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه) كما في رواية البخاري (مَنْ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ متّى) أي من جميع الوجوه. (فقد كذب) إذ قد يكون له خصوصية في نوع من الفضيلة قال الدلجي ويجوز رجوع أنا كما مر إليه صلى الله تعالى عليه وسلم أو إلى كل قائل أي لا يقول ذلك أحد وإن بلغ في العلم والعبادة أو غيرهما من الفضائل ما بلغ إذ لم يبلغ يونس من درجة النبوة انتهى ولا يخفى أن أنا في الحديث السابق يحتمل الاحتمالين وأما هنا فالاحتمال إلى القائل بعيد عن موضع تحقيق وتأييد لأن جزاءه حينئذ فقد كفر كما سبق فتدبر وأيضا ما كان أحد يتوهم منه أنه يدعي كونه أفضل من يونس حتى ينهى عنه وإنما كان يتوهم بعضهم أن نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم أفضل منه في أمر النبوة والرسالة أو في علو المرتبة وفضيلة الدرجة فنهاهم إما إعلاما بتسوية نسبة النبوة والرسالة وإما تواضعا لربه وهضما لنفسه وإما قبل علمه بعلو مقامه.

(وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى وَفِي حَدِيثِهِ) أي ابن مسعود (الآخر) أي الذي رواه مسلم وأبو داود والترمذي (فجاءه) أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (رجل فقال يا خير البريّة) أي الخلق من برأه الله يبرؤه براءة خلقه فهو فعيل بمعنى مفعول والتاء للمبالغة في الكثرة وأصله مهموز كما قرأ به نافع وابن ذكوان ثم أبدلت الهمزة ياء وأدغمت وهي قراءة الباقين فقول صاحب النهاية ولم يستعمل مهموزا مبني على عدم علمه بالقراءة (فقال ذاك) وفي نسخة ذلك باللام (إبراهيم) قاله تواضعا وإكراما لكونه أبا أو لأنه أمرنا باتباعه أو قبل العلم بأنه أفضل منه. (فاعلم) جواب الشرط السابق أي فإن قلت الخ فاعلم (أنّ للعلماء في هذه الأحاديث) أي الناهية عن التفضيل بين الأنبياء (تأويلات) أي وجوها أربعة أو خمسة تقدم بيان بعضها في حل لفظها (أحدها) أي الوجه الأول منها (أنّ نهيه عن التفضيل) أي فيما بينهم (كَانَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ فَنَهَى عَنِ التَّفْضِيلِ إِذْ يَحْتَاجُ إِلَى توقيف) أي إلى سماع في تفضيل الأنبياء إذ لا درك فيه لعقول العلماء (وأنّ من فضّل) أي أحدا منهم على غيرهم (بلا علم) أي يقيني أو ظني يصلح للاستدلال (فقد كذب) أي في ذلك المقال، (وكذلك) أي مأول (قَوْلُهُ لَا أَقُولُ إِنَّ أَحَدًا أَفْضَلُ مِنْهُ) أي من يونس (لا يقتضي تفضيله هو) أي يونس على إطلاقه وقد أبعد الدلجي في قوله أي هو صلى الله تعالى عليه وسلم على يونس لدخوله في عموم النكرة في سياق النفي انتهى ووجه غرابته لا يخفى مع عدم ملائمته للمدعي بحسب المعنى (وإنّما هو) أي قوله هذا (في الظّاهر كفّ) بتشديد الفاء أي منع منه صلى الله تعالى عليه وسلم لغيره (عن التّفضيل) إذ من شأنه أن يكون منشأ

<<  <  ج: ص:  >  >>