للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وكرامته) أي بالثبات على الموافقة، (ومثله) أي في هذا المعنى. (قوله تعالى: قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ) أي الشان (لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ) قرأ نافع من أحزنه يحزنه والباقون من حزنه يحزنه بفتح الزاي في الماضي وضمها في الغابر وكلاهما متعديان بمعنى واحد وأما حزن يحزن من باب علم فهو لازم فاعلم والزم والمعنى بالتحقيق أو في بعض أوقاتك من التضييق نعلم أن الشأن ليوقعك في الحزن ما يقولون في شأننا أو في حق القرآن أو في كقوله تَعَالَى وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ (فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ [الأنعام: ٣٣] ) بالتشديد للجمهور وبالتخفيف لنافع والكسائي والمعنى لا ينسبونك إلى الكذب ولا يتهمونك به ولا ينكرون أمانتك وديانتك أو لا يكذبونك في الحقيقة (الآية) أي ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون يعني ينكرونها أو ينكرون عليك بسبب اتيان آياتنا فقط وفي هذا نوع تسلية له صلى الله تعالى عليه وسلم وتهديد لهم ولكن لم يظهر لإيرادها وجه مناسبة ولا جهة ملائمة لما نحن فيه من مرتبة المعاتبة وقضية الملامة (قال عليّ كرم الله وجهه) كما رواه الترمذي وصححه الحاكم، (قال أبو جهل للنّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم: إنّا لا نكذّبك) أي في الصدق والأمانة، (ولكن نكذّب ممّا جئت به) أي من القرآن الدال على التوحيد والديانة، (فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ [الْأَنْعَامِ: ٣٣] الآية) وفي نسخة فنزلت وإنما هو شهادة من الله تعالى له بالصدق والديانة وبيان أن هذا مما اتفق عليه الأمة عامة (وروي أنّ النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم: لمّا كذّبه) وفي نسخة أكذبه (قومه حزن) بكسر الزاء أي اغتم (فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: مَا يُحْزِنُكَ؟) بالوجهين السابقين فقال: (كَذَّبَنِي قَوْمِي.

فَقَالَ: إِنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّكَ صَادِقٌ) يعني لكن جئت بشيء ليس لغرضهم موافقا، (فأنزل الله تعالى الآية) أي المتقدمة قال الدلجي وحديث جبريل هذا أورده بصيغة روي ولم أعرف من رواه، (ففي هذه الآية منزع) بفتح ميم فسكون نون وفتح زاء أي مأخذ ومشرع (لَطِيفُ الْمَأْخَذِ مِنْ تَسْلِيَتِهِ تَعَالَى لَهُ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم) أي بإذهاب حزنه وجلب أنسه، (وإلطافه به) بكسر الهمزة أي إكرامه (في القول) أي في قوله، (بأن قرّر عنده) أي بما اطمأنت به نفسه (أَنَّهُ صَادِقٌ عِنْدَهُمْ، وَأَنَّهُمْ غَيْرُ مُكَذِّبِينَ لَهُ) أي في الحقيقة بل مكذبين لنا أو غير مكذبين في الباطن، (لأنهم معترفون بصدقه قولا واعتقادا، وقد كانوا) أي عامة المشركين (يسمّونه) سماه وأسماه بمعنى والمراد هنا يصفونه ويعدونه (قبل النّبوّة الأمين) أي من الأمانة في القول والفعل والعهد والوعد ضد الخيانة، (فدفع) أي الله سبحانه وتعالى (بهذا التّقرير) أي المذكور في الآية بالتحرير وهو في أصل المصنف بالراءين وجعل التلمساني اصله بالدال بعد القاف بمعنى الفرض والتصوير قال وبالراء بمعنى تبيينه وتمهيده وكل منهما قريب من الآخر فتدبر (ارتماض نفسه) أي اقلاقها وإحراقها (بسمة الكذب) بكسر السين أي بوسمته وعلامته من الوسم وأصلها في المكي للأمارة والكذب بفتح فكسر هو الأفصح ويجوز بكسر فسكون وهو أنسب إذا قوبل بالصدق للمشاكلة اللفظية كما قال به

<<  <  ج: ص:  >  >>