للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حي ويا حي محيي الموتى ويا حي لا إله إلا أنت وقالوا اللهم إن ذنوبنا قد عظمت وأنت أعظم منها وأجل وافعل بنا ما أنت أهله ولا تفعل بنا ما نحن أهله وهذا معنى قوله سبحانه وتعالى إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ فَلَوْلا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ (وَقَوْلُ اللَّهِ فِي يُونُسَ: فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ [الْأَنْبِيَاءِ: ٨٧] مَعْنَاهُ أَنْ لَنْ نُضَيِّقَ عليه) كما قال تعالى يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ وليس مراده أنه سبحانه وتعالى غير قادر عليه لأن هذا لم يخطر ببال كافر فضلا عن مؤمن لا سيما نبيا ورسولا روي أن ابن عباس دخل على معاوية فقال يا ابن عباس لقد ضربتني أمواج القرآن البارحة فغرقت فما أجد لنفسي خلاصا إلا بك ثم قرأ الآية ثم قال أو يظن نبي الله أن لا يقدر الله عليه فقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما هذا من القدر أي بسكون الدال أو فتحها لا من القدرة، (قال مكّيّ طمع في رحمة الله تعالى) أي سعة كرمه (وَأَنْ لَا يُضَيِّقَ عَلَيْهِ مَسْلَكَهُ فِي خُرُوجِهِ) بغير إذنه مغاضبا لقومه ليؤمنوا بعد فقده (وَقِيلَ حَسَّنَ ظَنَّهُ بِمَوْلَاهُ أَنَّهُ لَا يَقْضِي عليه بالعقوبة) لما ورد في الحديث القدسي أنا عند ظن عبدي بي لكنه غفل عن أن حسنات الأبرار سيئات المقربين (وقيل نقدّر عليه ما أصابه) أي من الابتلاء ببطن الحوت في الماء وهو بضم أوله فسكون ثانيه فكسر ثالثه مخفف نقدر عليه كذا ذكره الدلجي وهو غير صحيح فالصواب أنه مخفف قدر بمعنى قدر مشددا وقد ضبطه الحجازي بضم النون وفتح القاف وتشديد الدال المكسورة، (وقد قرىء) أي في الشواذ (نقدّر بالتّشديد) أي بتشديد الدال المكسورة وكذا قرىء نقدر مبنيا للفاعل وللمفعول مخففا ومثقلا (وقيل نؤاخذه) أي فظن أن لن نؤاخذه بعتابه أو عقابه (بغضبه وذهابه) إذ كان عليه أن يصابرهم ولا يفارقهم إلا بإذن من ربه، (وقال) وفي نسخة بلا واو العطف (ابن زيد) وفي نسخة أبو زيد وفي أخرى أبو يزيد والصواب الأول فقد نقل ذلك البغوي في تفسيره عن ابن زيد والظاهر أنه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم (معناه أفظنّ أن لن تقدر عليه على الاستفهام) أي الداخل على صدر الكلام وحذف تخفيفا لدلالة المقام على المرام والمعنى إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً أفظن أن لن نقدر عليه ويمكن أن يقدر إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ والتأويل لازم على كل تقدير لما علله المصنف بقوله (ولا يليق) أي لا يحسن (أن يظنّ بنبيّ) أي فضلا عن رسول (أن يجهل) وروي أنه جهل (صفة من صفات ربّه) كالقدرة والعلم والإرادة ولذا استدل أهل السنة بطلب موسى عليه السلام الرؤية أنها ممكنة في الجملة ليس فيها استحالة خلافا للمعتزلة والحاصل أنه لا يتصور أن نبينا يظن أنه تعالى لا يقدر عليه كما قدمناه (وكذلك) أي يحتاج إلى تأويل (قوله) أي الله سبحانه وتعالى (إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً [الأنبياء: ٨٧] ) حيث يتوهم أنه ذهب مغاضبا لربه فالصواب تأويله بوجه من الوجوه (الصّحيح مغاضبا لقومه

<<  <  ج: ص:  >  >>