للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو إلى غيرهم لما قيل لما آمنوا سألوه أن يرجع إليهم فأبى تحاميا من رجوعه للإقامة فيهم بعد هجرته عنهم وقال الله تعالى (بعث إليكم نبيا) (ويستدلّ أيضا) أي لما روي عن ابن عباس من أن ارساله إليهم إنما كان بعد نبذ الحوت له (بقوله) أي الله سبحانه وتعالى خطابا لنبينا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم (وَلا تَكُنْ) أي حال ضجرك وقلة صبرك؛ (كَصاحِبِ الْحُوتِ) أي يونس عليه السلام (الْحُوتِ إِذْ نادى [القلم: ٤٨] وذكر القصّة) وهي قوله تعالى إِذْ نادى أي في بطن الحوت وَهُوَ مَكْظُومٌ أي مملوء غيظا لولا أن تداركه وفي قراءة ابن مسعود وابن عباس لولا أن تداركته نعمة من ربه بعود رحمته إليه وقبول توبته عليه وقرأ الحسن تداركه بتشديد الدال على أن أصله تتداركه على حكاية الحال الماضية بمعنى لولا أن كان يقال في شأنه تتداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء أي لطرح بالفضاء الخالي عن الماء والبناء وهو مذموم حال اعتمد عليها جواب لولا والمعنى لولا تدارك رحمته وعود نعمته لكان على حال مذمته ومذلته (ثمّ قال: فَاجْتَباهُ رَبُّهُ أي قربه واصطفاه (فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ [القلم: ٥٠] ) أي الكاملين في الصلاح والديانة وهم أصحاب النبوة والرسالة (فتكون هذه القصّة إذن) أي على هذا (قبل نبوّته) أي وارساله إليهم (فَإِنْ قِيلَ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم) فيما رواه عن الأعز المزني (إنّه) أي الشأن (ليغان على قلبي) أي ليغطي ويستر والجار نائب الفاعل وهو بصيغة المجهول من الغين وهو اطباق الغيم في مرأى العين وهو سحاب لطيف كناية عن حجاب ظريف لما يعرض له عليه الصلاة والسلام مما يصرفه عن دوام ملازمة ذكر الملك العلام على وجه التمام وهو الاستغراق في بحر الشهود والفناء عن مطالعة ما سوى الله تعالى في عالم الوجود لما يعرض له مما يصرفه عن ذلك المقام بسبب اشتغاله بأمور أمته ومصالحها من الأحكام المتعلقة بالخاص والعام أو لأجل تصور قصوره في مقام العبادة على الوجه التام (فاستغفر الله كلّ يوم) وفي نسخة في كل يوم وفي نسخة في اليوم (مائة مرّة وفي طريق) أي للبخاري عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه فاستغفر الله (في اليوم أكثر من سبعين مرّة) وهي لا تنافي الرواية الأولى على أن حملهما على أرادة الكثرة هو الأولى والحاصل أنه كان يعد ما يشغله عن ربه في الصورة ذنبا بالنسبة إلى مقامه الأعلى المعبر عنه لي مع الله وقت لا يسعني فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل والمحققون على أنه أراد بالنبي المرسل ذاته الأكمل في حاله الأفضل المعبر عنه بالاستغراق في لجة فناء بحر التوحيد وبر التفريد وبهذا تبين لك أن حسنات الأبرار سيئات المقربين وكانت رابعة العدوية في مثل هذه القضية قالت استغفارنا يحتاج إلى استغفار كثير والحاصل أن هذا سحاب غين في الطريقة وحجاب عين في الحقيقة وحجب الأنبياء والاصفياء من الأولياء لم تكن إلا نوارنية لطيفة لا ظلمانية كثيفة (فاحذر) أي كل الحذر لخوف عظيم الخطر (أن يقع ببالك) أي ويخطر في خيالك (أَنْ يَكُونَ هَذَا الْغَيْنُ وَسْوَسَةً أَوْ رَيْبًا) بالموحدة ان شكا وشبهة وفي نسخة بالنون فيكون من قبيل قوله تعالى كَلَّا بَلْ رانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>