للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأخرى بالتزام الصّبر) في آية وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا (على إعراض قومه) أي عن الإيمان به (ولا يحرج) بالحاء المهملة وفتح الراء أي لا يضيق صدرا (عند ذلك) أي الاعراض (فيقارب) أي حالك (حال الجاهل بشدّة التّحسّر) كما يشير إليه صدر الآية وهو قوله تعالى وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ أي ملجئة إلى الإيمان بالأنبياء والمعنى لا تقدر على ذلك فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ بما هنالك، (حكاه أبو بكر ابن فورك) بضم الفاء وفتح الراء وجوز فيه الصرف وعدمه (وقيل معنى الخطاب) أي وجهه (لأمّة محمد) على أن الخطاب له والمراد غيره أو الخطاب لغيره ابتداء (أَيْ فَلَا تَكُونُوا مِنَ الْجَاهِلِينَ: حَكَاهُ أَبُو محمّد مكّي؛ وقال) أي مكي (مثله في القرآن كثير) أي من الآيات التي فيها الخطاب له والمراد أمته أو التي لا يصلح فيها الخطاب له حقيقة فالمراد به خطاب غيره من الأمة؛ (فبهذا الفضل) أي الذي أوجب لهم مزيد الفضل (وجب القول) وفي نسخة فهذا الفضل أوجب القول وفي أخرى يوجب القول (بعصمة الأنبياء منه) أي مما ذكر من الجهل بالله تعالى وصفاته ومن السهو واللهو والفترة والغفلة (بعد النّبوّة قطعا) أي جزما من غير تردد وشبهة (فَإِنْ قُلْتَ فَإِذَا قَرَّرْتَ عِصْمَتَهُمْ مِنْ هَذَا وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ) أي والشرك من جملة ذلك بل هو أعظم ما هنالك (فما معنى وعيد الله تعالى) وفي أكثر النسخ المصححة فما معنى إذا وعيد الله تعالى بالتنوين بمعنى حينئذ وبجر وعيد وكان الأظهر أن يقال فإذا ما معنى وعيد الله تعالى (لنبيّنا صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ إِنْ فَعَلَهُ وَتَحْذِيرِهِ منه) بناء على أن الوعيد والتحذير غالبا إنما يكون فيمن يتصور فيه فعلى ذلك لا فيمن يكون معصوما من وقوعه فيما هنالك وصورة الوعيد والتحذير وقعت كثيرة في حق نبينا عليه الصلاة والسلام (كَقَوْلِهِ: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزُّمَرِ: ٦٥] الْآيَةَ) أي وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ وقبله وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ أي من الأنبياء والرسل فتوحيد الخطاب باعتبار كل واحد منهم وإطلاق الاحباط ظاهر على مقتضى مذهبنا والشافعية يحملونه على أنه خاص بهم أو على تقييده بموتهم عليه (وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ [يُونُسَ: ١٠٦] الْآيَةَ) وهي قوله تعالى فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ (وَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ [الْإِسْرَاءِ: ٧٥] الآية) يعني قوله تَعَالَى وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا أي لقاربت أن تميل إلى مرادهم فأدركك تثبيتنا وعصمتنا فلم تقارب الركون إليهم فضلا عن أن تركن إليهم إذا أي لو قاربت الركون إليهم فرضا وتقديرا لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ أي عذاب الدنيا وعذاب الآخرة مضاعفين والأصل عذابا ضعفا في الحياة وعذابا ضعفا في الممات بمعنى مضاعفا فحذف الموصوف وأقيم صفته مقامه ثم أضيفت والمعنى أن المعصوم لا يتصور منه الركون إلى الكفر الموجب للعذاب (وقوله لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ [الحاقة: ٤٥] ) وهو جواب لو

<<  <  ج: ص:  >  >>