للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا؟ فقال: لا والله، " فقال عبد الله ": قاتل الله أبا كبير حيث يقول:

ألا يا حمام الأيك إلفك حاضر ... وغصنك مياد ففيم تنوح؟

أفق لا تنح من غير شيء فإنني ... بكيت زماناً والفؤاد صحيح

ولوعاً فشطت عربة دار زينب ... فها أنا أبكي والفؤاد قريح فقال عوف: أحسن والله أبو كبير، إنه كان في الهذليين مائة وثلاثون شاعراً ما فيهم إلا مفلق، وما كان فيهم مثل أبي كبير، وأخذ عوف يصفه، فقال له عبد الله: أقسمت عليك إلا عارضت قوله، فقال عوف: قد كبر سني وفني ذهني وأنكرت كل ما أعرف، فقال له عبد الله: بتربة طاهر إلا فعلت، فقال عوف رحمه الله:

أفي كل عام غربة ونزوح ... أما للنوى من ونية فتريح

لقد طلح (١) البين المشت ركائبي ... فهل أرين البين وهو طريح

وأرقني بالري نوح حمامة ... فنحت وذو البث الغريب ينوح

على أنها ناحت ولم تذر دمعة ... ونحت وأسراب الدموع سفوح

وناحت وفراخها بحيث تراهما ... ومن دون أفراخي مهامه قيح

ألا يا حمام الأيك إلفك حاضر ... وغصنك مياد ففيم تنوح؟

عسى وجود عبد الله أن يعكس النوى ... فيلقي (٢) عصا التطواف وهي طليح

فإن الغنى يدني الفتى من صديقه ... وعدم الفتى بالمعسرين طروح فاستعبر عبر الله ورق له وجرت دموعه، وقال له: والله إني ضنين بمفارقتك شحيح على الفائت من محاضرتك، ولكن والله لا أعلمت معي خفاً ولا حافراً إلا راجعاً إلى أهلك، وأمر له بثلاثين ألف درهم، فقال له عوف:


(١) في المطبوعة: ظلع، والتصويب عن طبقات ابن المعتز وياقوت.
(٢) الطبقات: فتضحي.

<<  <  ج: ص:  >  >>