وألقيت ذلا من مفارق هاشمٍ ... وألبستها عزاً وأعليتها قدرا ومن كلامه: ما أقبح الدنيا بنا إذا كانت لنا، وأولياؤنا خالون من حسن آثارها.
وقال: الأناة محمودة إلا عند إمكان الفرصة.
ولما وقع في النزع كان آخر كلامه: إليك يا رب لا إلى النار.
٢٢٩ - (١)
[المنصور]
عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، أبو جعفر المنصور أمير المؤمنين، ولد سنة خمس وتسعين، وكان قبل الخلافة يقال له عبد الله الطويل، وصرف الآفاق إلى الحيرة والعراق وأصبهان وفارس، أتته الخلافة وهو بمكة، عهد إليه أخوه السفاح.
وكان أسمر طويلاً نحيفاً خفيف العارضين، مفرق الوجه رحب الجبهة، يخضب بالسواد، كأن عينيه لسانان ناطقان، يخلط أبهة الملك بزي النساك، تقبله القلوب وتتبعه العيون، وكان من أفراد الدهر حزماً ودهاء وجبروتاً حريصاً على جمع المال، وكان يلقب أبا الدوانيق لمحاسبته الكتاب والعمال على الدوانيق، وكان شجاعاً مهيباً تاركاً للهو واللعب كامل العقل، قتل خلقاً كثيراً حتى ثبت الأمر له ولولده، وكان فيه عدل وله حظ من صلاة وعلم وفقه؛ توفي محرماً على باب مكة في سادس ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ومائة، ودفن ما بين الحجون وبئر ميمون.
(١) انظر المصادر المشار إليها في الترجمة السابقة وأخبار الخلفاء: ٢٨٢ والفخري: ١٤١.