تزودا للموت زاداً فقد ... نادى مناديه الرحيل الرحيل وقال الفتح بن سالم: كان سعدون سياحاً لهجاً بالقول، فرأيته يوماً بالفسطاط قائماً على حلقة ذي النون المصري وهو يقول: يا ذا النون، متى يكون القلب أميراً بعد أن كان أسيراً؟ فقال ذو النون: إذا اطلع الخبير على الضمير فلم ير في الضمير إلا الخبير، قال: فصرخ سعدون، ثم خر مغشياً عليه، ثم أفاق وهو يقول:
ولا خير في شكوى إلى غير مشتكى ... ولابد من شكوى إذا لم يكن صبر ثم قال: أستغفر الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: يا أبا الفيض، إن من القلوب قلوباً تستغفر قبل أن تذنب، قال: نعم، تلك قلوب تثاب قبل أن تطيع، أولئك قوم أشرقت قلوبهم بضياء روح اليقين.
وكانت وفاة سعدون بعد الخمسين والمائتين، رحمه الله تعالى.
١٦٧ - (١)
[ابن مكي النيلي المؤدب]
سعيد بن أحمد بن مكي النيلي المؤدب؛ له شعر، وأكثره مديح في أهل البيت، رضي الله عنهم. قال العماد الكاتب: كان غالياً في التشيع، حالياً بالتورع، عالماً بالأدب، معلماً في المكتب، مقدماً في التعصب، ثم أسن حتى جاوز حد الهرم، وذهب بصره وعاد وجوده شبيه العدم، وأناف على التسعين، وآخر