سرتم فلا سرت النسيم ولا زها ... زهر ولا ماست غصون البان
مالي أنيس بعدكم إلا البكا ... والنوح مالحسرات والأحزان
يا ليت شعري أين سارت عيسكم ... أم أين موطنكم من البلدان ٢٣٨ (١)
[أمير المؤمنين المأمون]
عبد الله بن هارون أمير المؤمنين أبو العباس المأمون بن الرشيد بن المهدي؛ ولد سنة سبعين ومائة، وتوفي سنة ثماني عشرة ومائتين، وكانت خلافته عشرين سنة وستة أشهر.
قرأ العلم في صغره وسمع من هشيم وعباد بن العوام ويوسف بن عطية وأبي معاوية الضرير وطبقتهم، وروى عنه يحيى بن أكثم وجعفر بن أبي عثمان الطيالسي والأمير عبد الله بن طاهر، وبرع في الفقه والعربية وأيام الناس، ولما كبر عني بعلوم الأوائل ومهر في الفلسفة، فجره ذلك إلى القول بخلق القرآن، وكان من رجال بني العباس حزماً وعزماً وعلماً وحلماً ورأياً ودهاء وشجاعة وسؤدداً وسماحة.
قال ابن أبي الدنيا: كان أبيض ربعة حسن الوجه تعلوه صفرة، وقد خطه الشيب، أعين طويل اللحية.
ولما خلعه الأمين غضب ودعا إلى نفسه بخراسان فبايعه الناس، وأمه أم
(١) راجع أخباره في الطبري والمسعودي واليعقوبي وابن الأثير وعيون الحدائق وابن خلدون وابن كثير ... الخ وانظر الزركشي: ١٥٦ والروحي: ٥١ وتاريخ الخلفاء: ٢٣١ والفخري: ١٩٧ وخلاصة الذهب المسبوك: ١٨٦ وتاريخ بغداد ١٠: ١٨٣ وتاريخ الخميس ٢: ٣٣٤ والبدء والتاريخ ٦: ١١٢.