إن لم تقرح أدمعي أجفاني ... من بعد بعدكم فما أجفاني
إنسان عيني مذ تناءت داركم ... ما راقه نظر إلى إنسان
يا ليتني قد مت قبل فراقكم ... ولساعة التوديع لا أحياني
ما لي وللايام شتت صرفها ... حالي وخلاني بلا خلان
ما للمنازل أصبحت لا أهلها ... أهلي ولا جيرانها جيراني
وحياتكم ما حلها من بعدكم ... غير البلى والهدم والنيران
ولقد قصدت الدار بعد رحيلكم ... ووقفت فيها وقفة الحيران
وسألتها لكن بغير تكلمٍ ... فتكلمت لكن بغير لسان
ناديتها يا دار ما صنع الأولى ... كانوا هم الأوطار في الأوطان
أين الذين عهدتهم ولعزهم ... ذلا تخر معاقد التيجان
كالوا نجوم من اقتدى فعليهم ... يبكي الهدى وشعائر الإيمان
قالت غدوا لما تبدد شملهم ... وتبدلوا من عزهم بهوان
كدم الفصاد يراق أرذل موضعٍ ... أبداً ويخرج من أعز مكان
أفنتهم غير الحوادث مثلما ... أفنت قديماً صاحب الإيوان
لما رأيت الدار بعد فراقهم ... أضحت معطلةً من السكان
ما زلت أبكيهم وألثم وحشةً ... لجمالهم مستهدم الأركان
حتى رثى لي كل من لا وجده ... وجدي ولا أشجانه أشجاني
أترى تعود الدار تجمعنا كما ... كنا بكل مسرة وتهاني
إذ نحن نغتنم الزمان ونجتني ... بيد الأمان قطوف كل أماني
والدهر تخدمنا جميع صروفه ... والوقت يعدينا على العدوان
والعيش غض والدنو ممزق ... بيد الوصال ملابس الهجران
هيهات قد عز اللقاء وسددت ... طرق المزار طوارق الحدثان
مالي أردد ناظري ولا أرى ال ... أحباب بين جماعة الإخوان
والهفي واوحدتي واحيرتي ... واوحشتي واحر قلبي العاني