للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فارقتكم لا عن رضى فلبعدكم ... عني علي الرحب ضنك ضيق

وقنعت حتى صرت أرجو منكم ... من بعد ذاك القرب طيفاً يطرق

ولقد عطفت على الزمان معاتباً ... فرأيت كفي عنه صبراً أليق

يمضي النهار وفيه قلبي مفكر ... والليل طرفي بالبعاد مؤرق

فعليكم مني التحية ما بدا ... صبح به وجه الغزالة مشوق ٤٤٣ (١)

[شمس الدين ابن دانيال الحكيم]

محمد بن دانيال بن يوسف الموصلي الحكيم الفاضل الأديب، شمس الدين صاحب النظم الحلو والنثر العذب والطباع الداخلة والنكت الغريبة والنوادر العجيبة؛ قال الشيخ صلاح الدين الصفدي: هو ابن حجاج عصره، وابن سكرة مصره، وضع كتاب " طيف الخيال " فأبدع طريقه، وأغرب فيه فكان هو المطرب والمرقص على الحقيقة؛ أخبرني الشيخ فتح الدين ابن سيد الناس قال: كان الحكيم شمس الدين ابن دانيال له دكان كحل داخل باب الفتوح، فاجتزت عليه أنا وجماعة من أصحابه، فرأينا عليه زحمة ممن يكحله، فقالوا: تعالوا نخايل على الحكيم، فقلت لهم: لا تشاكلوه تخسروا (٢) معه، فلم يسمعوا وقالوا: يا حكيم تحتاج إلى عصيات؟ يعنون أن هؤلاء الذين يكحلهم يعمون ويحتاجون إلى العصا، فقال بسرعة: لا، إلا إن كان فيكم من يقود لله تعالى، فمروا خجلين؛ وله من هذا النوع غرائب


(١) الوافي ٣: ٥١ والزركشي: ٢٧٣ والبدر السافر: ٩٢ والنجوم الزاهرة ٩: ٢١٥ والجواهر المضية ١: ٥٥ والدرر الكامنة ٤: ٥٤ (وذكر أن وفاته سنة ٧١٠) .
(٢) المطبوعة: تخروا.

<<  <  ج: ص:  >  >>