ولما قتل المتوكل كان حاضراً، فلما هجموا على المتوكل وهو على شرابه وقطعوه بالسيوف قام الفتح بن خاقان وألقى نفسه عليه وقال: يا أمير المؤمنين، لا حياة لي بعدك، فقطعوه بالسيف أيضاً، فلما رأى ذلك عبادة انزوى وقال: يا أمير المؤمنين إلا أنا، إن لي بعدك أدواراً وأنزالاً أشربها، فضحكوا منه وتركوه.
٢١١ - (١)
[ابن المؤدب]
عبد الله بن إبراهيم بن مثنى الطوسي المعروف بابن المؤدب، أصله من المهدية وكان شاعراً مذكوراً مشهوراً قليل الشعر، مفرطاً في حب الغلمان مجاهراً بذلك، بعيد الغور ذا حيلة ومكيدة، مغرى بالسياحة والكيمياء والأحجار، معسراً مقتراً عليه متلافاً إذا أفاد.
خرج مرة يريد صقلية فأسره الروم، وأقام عندهم مدة إلى أن هادن ثقة الدولة ملك الروم وبعث إليه بالأسرى، وكان المؤدب من جملتهم، فمدح ثقة الدولة، ورام صلته فلم يصله بما أرضاه، فتكلم فيه فبلغ ذلك ثقة الدولة فطلبه فاختفى، وطالت المدة، فخرج وهو سكران بعض الليالي ليشتري نقلاً، فما شعر إلا وقد قيد وحمل إلى بين يدي ثقة الدولة، فقال له: ما الذي بلغني عنك؟ قال للحال يا سيدنا، قال: من الذي يقول:
والحر ممتحن بأولاد الزنا ...
(١) مسالك الأبصار ١١: ٣٤٧ (والمكتبة الصقلية: ٦٥٤) وابن خلكان ٦: ١٥٧ (في ترجمة يحيى ابن أكثم) والنقل فيه وفي المسالك - كما هو هنا أيضاً - عن ((الأنموذج)) لابن رشيق.