بهما من المسلمين، وخرج المكتفي بنفسه في جيش عظيم لما عزموا على حصار دمشق، وكثر الضجيج بمدينة السلام، وسار حتى نزل بالرقة، وبث الجيوش بين حلب وحماة وحمص، وعادت القرامطة تقصد حصار حلب، فالتقى الجمعان بتمنع، موضع بينه وبين حماة اثنا عشر ميلاً، وكان ذلك سنة إحدى وتسعين ومائتين أيام والده أبي سعيد، فانهزم جميع القرامطة وتبعوهم المسلمون وأفنوا عامتهم.
ثم قام القرامطة أيضاً وكثر حربهم، ولم يزالوا إلى أن مات أبو سعيد، وقام أبو طاهر ابنه.
وقيل إنه ملك دمشق وقتل جعفر بن فلاح نائب المصريين؛ ثم بلغ عسكر القرامطة إلى عين شمس، وهي على باب القاهرة، وظهروا عليهم، ثم انتصر أهل مصر عليهم فرجعوا عنهم، ولم يزل الناس معهم في شدة وبلاء إلى أن قتل أبو طاهر في سنة اثنتين وثلاثين وثلثمائة.
١٧٢ - (١)
[المستعين الأموي]
سليمان بن الحكم بن سليمان بن الناصر عبد الرحمن الأموي، الملقب بالمستعين؛ خرج قبل الأربعمائة والتف عليه خلق كثير من جيوش البربر بالأندلس، وحاصر قرطبة وأخذها، ثم إن متولي سبتة خرج عليه وجهز لحربه جيشاً، فالتقوا وانهزم جيش المستعين، فدخل قرطبة وهجم على المستعين وذبحه صبراً وذبح أباه، وذلك في سنة سبع وأربعمائة؛ وملك قرطبة مرتين، وكانت
(١) الذخيرة ١/١: ٢٤ وجذوة المقتبس: ١٩ والبيان والمغرب ٣: ٩١ والمعجب: ٩٠ وصفحات متفرقة من النفح؛ ولم يرد في المطبوعة من هذه الترجمة إلا القليل.