مدة ملكه في المرتين ست سنين وعشرة أشهر، وكانت مشحونة بالشدائد، معروفة بالمنكر والفساد، نفرت القلوب عنه، وبسبب ذلك تملك ملوك الطوائف.
ولما كانت سنة خمس وأربعمائة شاع الخبر أن مجاهد العامري أقام خليفة يعرف بالفقيه المعيطي، فاستعظم ذلك إلى أن بلغه ظهور علي بن حمود الفاطمي بسبتة، فسقط في يد المستعين، فجاءه الفاطمي في جموعه فهزمه، ونبش خيران العامري القبر الذي ذكر له أن هشاماً به، فشهد أنه هشام، وجعل المستعين يبرأ من دمه وهو الذي قتله بعد أن استولى على قرطبة في المرة الثانية، فلم يفد ذلك، وظهر منه جزع عظيم لما رأى السيف.
وكان المستعين من الشعراء المجيدين، ومن شعره:
عجباً يهاب الليث حد سناني ... وأهاب سحر فواتر الأجفان
وأقارع الأهوال لا متهيباً ... منها سوى الإعراض والهجران
وتملكت روحي ثلاث كالدمى ... زهر الوجوه نواعم الأبدان
ككواكب الظلماء لحن لناظري ... من فوق أغصانٍ على كثبان
حاكمت فيهن السلو إلى الصبا ... فقضى بسلطانٍ على سلطاني
فأبحن من قلبي الحمى، وتركنني ... في عز ملكي كالأسير العاني
لا تعذلوا ملكاً تذلل للهوى ... ذل الهوى عز وملك ثان
ما ضر أني عبدهن صبابةً ... وبنو الزمان وهن من عبداني
إن لم أطع فيهن سلطان الهوى ... كلفاً بهن فلست من مروان